للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدمة مع المماليك الذين طلبهم مولانا السلطان، وأنا ما لى حاجة بالمماليك فى هذا المكان، وإن رسم مولانا ما لك الرّقّ أن يسيّر نائبا له ينزل «١» المملوك بمصر ويلتجئ بالدولة المظفريّة ويحلق رأسه ويقعد فى تربة الملك المنصور.

والمملوك قد وطّن نفسه على مثل هذا؛ وقد قال أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب كرم الله وجهه: «ما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النّعم والموت من الحياة» . وقال بعضهم: إيّاك وما يسخط سلطانك، ويوحش إخوانك؛ فمن أسخط سلطانه فقد تعرّض للمنيّة، ومن أوحش إخوانه فقد تبرّأ عن الحرية «٢» .

والمملوك يسأل كريم العفو والصفح الجميل! والله تعالى قال فى كتابه الكريم وهو أصدق القائلين: وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

والمملوك ينتظر الأمان والجواب. أنهى المملوك ذلك» .

فلمّا قرأ الملك المظفّر الكتاب خفّ ما كان عنده، وكان سلّار حاضرا فقال له سلّار: ما قلت لك إنّ الملك الناصر ما بقيت له قدرة على المعاندة! وقد أصبح ملك الشام ومصر طوع يدك، ولكن عندى رأى: وهو أن تسيّر إلى الأفرم بأن يجعل بآله من الأمراء، فإنّهم ربّما يهربون إلى بلاد التّتار فاستصوب المظفّر ذلك، وكتب إلى الأفرم فى الحال بالغرض، فلمّا وصل الكتاب إلى الأفرم اجتهد فى ذلك غاية الاجتهاد.

وأخذ الملك الناصر فى تدبير أمره، وبينما المظفّر فى ذلك ورد عليه الخبر من الأفرم بخروج الملك الناصر من الكرك، فقلق المظفّر من ذلك وزاد توهّمه ونفرت قلوب جماعة من الأمراء والمماليك منه وخشوا على أنفسهم واجتمع كثير