الخبز! ولا ينفعك حينئذ أحد، فإن كان لك رأى فاقبض على نوغيه ومن معه وسيّرهم للملك المظفّر، فإن فعلت ذلك يصلح حالك، ولا تفعل غير هذا تهلك. وكتب له كتابا بمعنى هذا ودفعه إلى تنكز، فلم يخرج تنكز من دمشق إلى أثناء الطريق حتى خرج فى أثره جماعة من أمراء دمشق إلى طاعة الناصر. وكان كلام الأفرم لتنكز أكبر الأسباب لخروج الملك الناصر من الكرك إلى دمشق، فلما قدم الناصر دمشق وكتب الأمان للافرم فتخوف الأفرم مما كان وقع منه من القول لمّا قدم عليه تنكز وطلب الحلف. انتهى.
وقال بيبرس فى تاريخه: وأرسل السلطان إلى الأفرم رسلا «١» بالأمان والأيمان، وهما الأميران عزّ الدين أيدمر الزّردكاش والأمير سيف الدين جوبان. وقال غيره: بعث إليه السلطان نسخة الحلف مع الأمير الحاج أرقطاى الجمدار، فما زال به حتى قدم معه هو وابن صبيح «٢» ، فركب السلطان إلى لقائه حتى قرب منه نزل كلّ منهما عن فرسه، فاعظم الأفرم نزول السلطان له وقبل الأرض، وكان الأفرم قد لبس كامليّة وشدّ وسطه وتوشّح بنصفيه (يعنى أنه حضر بهيئة البطالين من الأمراء) وكفنه تحت إبطه، وعند ما شاهدته الناس على هذه الحالة صرخوا بصوت واحد: يا مولانا السلطان، بتربة والدك الملك الشهيد قلاوون لا تؤذه ولا تغيّر عليه! فبكى سائر من حضر، وبالغ السلطان فى إكرامه وخلع عليه وأركبه وأقرّه على نيابة دمشق، فكثر الدعاء له وسار إلى القصر. فلما كان من الغد أحضر الأفرم خيلا وجمالا وثيابا بمائتى ألف درهم تقدمة إلى السلطان الملك الناصر. وفى يوم الجمعة «٣» ثانى عشرين