متملّك بلاد الروم عندما دخل الملك الظاهر بيبرس إلى مدينة قيسريّة «١» ، وقد تقدّم ذكر ذلك فى ترجمة «٢» الظاهر. فصار بكتمر هذا إلى طرنطاى، وطرنطاى يوم ذاك مملوك الأمير سيف الدين قلاوون الألفىّ قبل سلطنته فربّاه وأعتقه. فلمّا قتل طرنطاى صار بكتمر هذا للأشرف خليل، فرتّبه فى جملة الأوجاقيّة فى الإسطبل السلطانىّ.
ثم نقله [المنصور «٣» لاچين] وجعله أمير آخور صغيرا، ثم أنعم عليه بإمرة عشرة بعد وفاة الفاخرىّ «٤» . وما زال يترقّى حتّى ولى الوزارة، ثم الحجوبيّة بدمشق ثم نيابة غزّة ثم نيابة صفد ثم حجوبيّة الحجّاب بديار مصر إلى أن مات. وهو صاحب المدرسة والدار «٥» خارج باب النصر من القاهرة. وخلّف أموالا كثيرة، وكان معروفا بالشّحّ وجمع المال.
قلت: وعلى هذا كان غالب أولاده وذريّته ممّن أدركنا. قال الشيخ صلاح الدين الصّفدىّ فى تاريخه:«وكان له حرص عظيم على جمع المال إلى الغاية، وكان له الأملاك الكثيرة فى كلّ مدينة، وكان له قدور يطبخ فيها الحمّص والفول وغير ذلك من الأوانى تكرى، وكان بخيلا جدّا. حكى لى الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس قال: كنت عنده يوما وبين يديه صغير من أولاده وهو يبكى ويتعلّق فى رقبته ويبوس صدره، فلمّا طال ذلك من الصغير قلت له: ياخوند، ماله؟
قال: شيطان يريد قصب مصّ. فقلت: يا خوند اقض شهوته. فقال: يا بخشى «٦»