وتوفّى الأمير الكبير أرغون بن عبد الله الناصرىّ نائب السلطنة الشريفة ثم نائب حلب، وبها مات فى ليلة السبت ثامن عشر شهر ربيع الأوّل وقيل ربيع الآخر.
وأصله من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب الترجمة. اشتراه وربّاه وأدّبه وتبنّى به وأمره بملازمة الاشتغال، فاشتغل ودأب وبرع وكتب الخطّ المنسوب، وسمع صحيح البخارىّ بقراءة الشيخ أثير الدّين «١» أبى حيّان، وكتب بخطّه صحيح البخارىّ، وبرع فى الفقه وأصوله، وأذن له فى الإفتاء والتدريس. قال الشيخ صلاح الدين الصّفدىّ قال لى الشيخ فتح الدين بن سيد الناس، كان أرغون يعرف مذهب أبى حنيفة ودقائقه ويقصر فهمه فى الحساب إلى الغاية.
قلت: كان قصور فهمه فى الحساب إذ ليس هو بصدده، ولو صرف همّته إلى ذلك لفهمه وعلمه على أحسن وجه. انتهى. ورقّاه أستاذه الملك الناصر لمّا رأى فيه مخايل النّجابة، وجعله دوادارا بعد الأمير بيبرس الدّوادار، ثمّ ولّاه نيابة السلطنة بديار مصر وجعل أمورها كلّها إليه. فدام فى نيابة السلطنة نحو ست عشرة سنة، ثم أخرجه لنيابة حلب. وقد ذكرنا «٢» سبب إخراجه لحلب فى أصل هذه الترجمة. وتولى نيابة حلب بعد عزل الأمير ألطنبغا الصالحىّ، فباشر نيابتها نحو أربع سنين. وهو الذي أمر بحفر نهر الساجور، وأجراه إلى حلب فى سنة إحدى وثلاثين. وكان ليوم وصوله يوم مشهود. وفى هذا المعنى يقول الرئيس شرف الدين أبو عبد الله الحسين [بن سليمان «٣» ] بن ريّان «٤» رحمه الله: