وتوفّى الأمير سيف الدين بكتمر «١» بن عبد الله الرّكنىّ الساقى الناصرىّ بعد ابنه أحمد بثلاثة أيام فى عاشر «٢» المحرّم وحمل «٣» إلى نخل «٤» فدفن بها، واتّهم الملك الناصر أنّه اغتالهما بالسمّ. وقد تقدّم ذكر ذلك كله مفصلا فى ترجمة «٥» الملك الناصر، غير أنّنا نذكره هنا تنبيها على ما تقدّم ذكره. كان أصل بكتمر من مماليك الملك المظفر بيبرس الجاشنكير، ثم انتقل إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون، لعلّه بالخدم، فإنّ أستاذه المظفر بيبرس كان أمّره عشرة فى أواخر دولته، ولولا [أنه] أعتقه ما أمّره، فعلى هذا يكون عتيق المظفّر. والله أعلم. ويقوّى ما قلته ما سنذكره، وهو أن بكتمر هذا حظى عند الملك الناصر لجمال صورته وجعله ساقيا. وكان غريبا فى بيت السلطان: لأنه لم يكن له خشدش، فكان هو وحده، وسائر لخاصكيّة حربا عليه.
وعظمت مكانته عند السلطان حتى تجاوزت الحدّ. قال الصلاح الصّفدىّ: كان يقال: إنّ السلطان وبكتمر لا يفترقان، إما أن يكون بكتمر عند السلطان، وإما أن يكون السلطان عند بكتمر. انتهى كلام الصّفدىّ باختصار.