ولم يترك بالقلعة من أولاد الملك الناصر محمد بن قلاون إلّا كچك، ثم سلّم قوصون الأمراء المقيّدين إلى والى القاهرة، فمضى بهم إلى خزانة «١» شمائل وسجنهم بها إلا يلبغا اليحياوىّ، فإنّه أفرج عنه، وكان يوما عظيما بالديار المصريّة من إخراج أولاد السلطان الملك الناصر على هذه الصورة، وحبس هؤلاء الأمراء الملوك فى خزانة شمائل وتهتّك حرم السلطان على إخراج أولاد الناصر، وكثر البكاء والعويل بالقاهرة، فكان هذا اليوم من أشنع الأيام. وبات قوصون ومن معه ليلة الأحد بخيامهم فى قبّة النصر خارج القاهرة، وركبوا بكرة يوم الأحد العشرين من صفر إلى قلعة الجبل واتّفقوا على إقامة كچك ابن الملك الناصر محمد فى السلطنة، فاقيم وجلس على كرسىّ الملك حسب ما يأتى ذكره فى أوّل ترجمته. وخلع الملك المنصور فى يوم السبت تاسع عشر صفر من سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، فكانت مدّة ملكه على مصر تسعة وخمسين يوما، ومن حين قلّده الخليفة [ثمانية «٢» و] أربعين يوما، لأنّه لمّا تسلطن كان الخليفة [الحاكم «٣» بأمر الله أحمد بن أبى الربيع سليمان] المستكفى لم يتمّ أمره فى الخلافة، ثم انتظم أمره بعد ذلك فبايع الملك المنصور حسب ما ذكرناه، وخلع الملك المنصور أبو بكر من السلطنة وسلم القلعة بغير قتال مع كثرة من كان معه من خواصّ أمراء أبيه ومماليكه، خذلان من الله تعالى!