للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى خلعه من السلطنة وإخراجه إلى قوص مع إخوته عبرة لمن اعتبر، فإن والده الملك الناصر محمد بن قلاوون كان أخرج الخليفة أبا الربيع سليمان المستكفى بأولاده وحواشيه إلى قوص منفيّا مرسّما عليه فقوصص الملك الناصر عن قريب فى ذرّيته بمثل ذلك، وأخرج أولاده أعزّ مماليكه وزوج ابنته، وهو قوصون الناصرىّ، فتوجّه الملك المنصور مع إخوته إلى قوص وصحبته بهادر «١» بن جركتمر مثل الترسيم عليه وعلى إخوته، وأقام بها نحو الشهرين، ودسّ عليه قوصون عبد المؤمن متولىّ قوص فقتله وحمل رأسه إلى قوصون سرّا فى أواخر شهر ربيع الآخر من سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، وكتموا ذلك عن الناس. فلمّا أمسك قوصون تحقّق الناس ذلك، وجاء من حاقق بهادر أنّه غرّق طاجار الدوادار واستحسّ على قتل المنصور، فطلب عبد المؤمن وقرّر فاعترف فسمّره السلطان الملك الناصر أحمد ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون، وقد تسلطن بعد أخيه كچك آخذا بدم أخيه الملك المنصور هذا.

وكان الملك المنصور سلطانا كريما شابا حمل اليه مال بشتك ومال آقبغا عبد الواحد ومال برسبغا فوهب ذلك جميعه إلى الخاصّكيّة الأمراء من مماليك والده مثل ملكتمر الحجازىّ وألطنبغا الماردانىّ ويلبغا اليحياوىّ وطاجار الدّوادار، وهؤلاء كانوا عظماء أمراء الألوف من الخاصّكيّة وأعيان مماليك الملك الناصر محمد ابن قلاوون وأصهاره وأحبّهم وأحبّوه، فالتهى بهم عن قوصون وقوى بهم بأسه، فخاف قوصون عاقبة أمره وتقرّب خشداشيته إليه فدبّر عليه وعليهم حتّى تمّ له ذلك، وكانت الناس تباشرت بيمن سلطنته، فإنه لمّا تسلص انفعلت الأمور على أحسن