الحارس فأخذا سيفه وهو نائم فأحسّ بهما، وقام يصيح حتى لحقه أصحابه فأخذوهما وبعثوا إلى السلطان بخبرهما، فقدم فى زىّ العربان ووقف على الخندق وأحضرهما وقد كثرت بهما الجراحات، فأمر يوسف ورفيقه بضرب أعناقهما، وأخذ يسبّهما فردّا عليه السبّ ردّا قبيحا، وضربت رقابهما، فلمّا بلغ الأمراء ذلك اشتدّ قلقهم.
ثم قدم كتاب السلطان للأمراء يطيّب خواطرهم ويعرّفهم أن مصر والشام والكرك له، وأنه حيثما شاء أقام، ورسم أن تجهّز له الأغنام من بلاد الصعيد، فتنكرت قلوب الأمراء «١» ، ونفرت خواطرهم وتكلّموا فيما بينهم فى خلعه، حتى اتّفق الأمراء على خلعه من السلطنة، وإقامة أخيه إسماعيل ابن الملك الناصر محمد، فخلع فى يوم الأربعاء حادى عشرين المحرّم من سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فكانت مدة ولايته ثلاثة أشهر وثلاثة عشر يوما، منها مدّة إقامته بمدينة الكرك، ومراسيمه نافذة بمصر أحد وخمسين يوما. وإقامته بمصر شهران «٢» إلا أياما.
وكان لمّا خرج من الديار المصرية متوجّها إلى الكرك جمع الأغنام التى كانت لأبيه وأغنام قوصون، وعدّتها أربعة آلاف رأس وأربعمائة رأس من البقر التى كان استحسنها أبوه، وأخذ الطيور التى كانت بالأحواش على اختلاف أنواعها، وحملها على رءوس الحمّالين إلى الكرك، وساق الأغنام والأبقار إليها، ومعهم عدّة سقّايين، وعرض الخيول والهجن، وأخذ ما اختاره منها ومن البخاتى وحمر الوحش والزراريف والسّباع، وسيّرها إلى الكرك. ثم فتح الذخيرة وأخذ منها جميع ما فيها من الذهب والفضة وهو ستمائة ألف دينار وصندوق فيه الجواهر التى جمعها أبوه