فى مدة سلطنته. وتتبّع جوارى أبيه حتى عرف المتموّلات منهنّ، فصار يبعث إلى الواحدة منهنّ يعرّفها أنه يدخل عليها الليلة فإذا تجمّلت بحليها وجواهرها أرسل من يحضرها إليه، فإذا خرجت من موضعها ندب من يأخذ جميع ما عندها، ثم يأخذ جميع ما عليها، حتى سلب أكثرهنّ. ثم عرض الرّكبخاناه، وأخذ ما فيها من السروج واللّجم والسلاسل الذهب والفضة. وأخذ الطائر الذهب الذي كان على القبّة، وأخذ الغاشية الذهب وطلعات السناجق؛ وما ترك بالقلعة مالا إلّا أخذه، واستمرّ بالكرك.
فلمّا تسلطن أخوه الملك الصالح إسماعيل حسب ما يأتى ذكره أرسل إلى الكرك يطلب من أخيه الناصر أحمد هذا شعائر الملك، وما كان أخذه من الخزائن وغيرها، فلم يلتفت الناصر إلى كلامه، فندب السلطان الملك الصالح تجريدة لحصاره بالكرك، واستمرّ يبعث إليه تجريدة بعد أخرى سبع تجاريد، حتى إنّه لم يبق بمصر والشام أمير إلا تجرّد إلى الكرك مرّة ومرّتين إلى أن ظفروا به حسب ما يأتى ذكر ذلك كلّه مفصّلا فى ترجمة الملك الصالح إسماعيل. ولمّا ظفروا بالملك الناصر أحمد قيدوه وحبسوه بالكرك بعد أن حاصروه بها مدّة سنتين وشهر وثلاثة أيام، ختى قبض عليه، اتلف فيها أموالا كثيرة فى النفقات على المقاتلة، وأخذ أمره يتلاشى وهلك من عنده بالجوع. وضرب الذهب وخلط به الفضّة والنحاس ونفق ذلك فى الناس، فكان الدينار الذي ضربه يساوى خمسة دراهم.
وكان القبض على الملك الناصر من الكرك فى يوم الاثنين الظهر ثانى عشرين صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وكتب بذلك إلى السلطان، فأرسل السلطان الملك الصالح الأمير منجك اليوسفىّ الناصرىّ السلاح دار الى الكرك فقتله وحزّ رأسه وتوجه بها إلى القاهرة