عن تدبير الملك بإقباله على النساء والمطربين، حتّى كان إذا ركب إلى سرحة سرياقوس أو سرحة الأهرام «١» ركبت أمّه فى مائتى امرأة الأكاديش بثياب الأطلس الملوّن وعلى رءوسهن الطراطير الجلد البرغالى «٢» المرصّعة بالجوهر واللآلئ وبين أيديهنّ الخدّام الطواشية من القلعة إلى السّرحة. ثم تركب حظاياه الخيول العربية ويتسابقن ويركبن تارة بالكامليّات الحرير ويلعبن بالكرة، وكانت لهنّ فى المواسم والأعياد وأوقات النّزهة أمور من هذا النّموذج. واستولى الخدّام والطواشيّة فى أيامه على أحوال الدولة، وعظم أمرهم بتحكّم كبيرهم عنبر السّحرتى لالاة «٣» السلطان، واقتنى عنبر السحرتى البزاة والسناقر، وصار يركب إلى المطعم «٤» ويتصيّد بثياب الحرير المزركشة، واتّخذ له كفّا للصيد مرصّعا بالجوهر. وعمل له خاصكيّة وخدّاما ومماليك تركب فى خدمته، حتى ثقل أمره على أكابر أمراء الدولة، فإنه أكثر من شراء الأملاك والتجارة فى البضائع، كلّ ذلك لكونه لالا السلطان. وأفرد له ميدانا «٥» يلعب فيه بالكرة، وتصدّى لقضاء الأشغال وقصده الناس فصارت الإقطاعات والرّزق والوظائف لا تقضى إلا بالخدّام والنساء.
وكان متحصّل الدولة فى أيام الملك الصالح قليلا ومصروف العمارة كثيرا.
وكان مغرما بالجلوس بقاعة الدهيشة، لا سيما لمّا ولدت منه اتّفاق العوّادة ولدا ذكرا، عمل لها فيه مهمّا بلغ الغاية التى لا توصف، ومع هذا كانت حياته منغّصة وعيشته منكّدة لم يتمّ سروره بالدهيشة سوى ساعة واحدة.