بغرناطة «١» فى أخريات شوّال سنة أربع وخمسين وستمائة، وقرأ القرآن بالروايات، واشتغل وسمع الحديث بالأندلس وإفريقية وإسكندرية والقاهرة والحجاز، وحصّل الإجازات من الشام والعراق، واجتهد فى طلب العلم، حتى برع فى النحو والتصريف وصار فيهما إمام عصره، وشارك فى علوم كثيرة. وكان له اليد الطّولى فى التفسير والحديث والشروط والفروع وتراجم الناس وطبقاتهم وتواريخهم خصوصا المغاربة، وهو الذي جسّر الناس على مصنّفات ابن مالك، ورغّبهم فى قراءتها، وشرح لهم غوامضها، وقد سقنا من أخباره وسماعاته ومشايخه ومصنّفاته وشعره فى ترجمته فى تاريخنا «المنهل الصافى» ما يطول الشرح فى ذكره هنا؛ ومن أراد ذلك فلينظره هناك. ولنذكر هنا من شعره نبذة يسيرة بسندنا إليه: أنشدنا القاضى عبد الرحيم بن الفرات إجازة، أنشدنا الشيخ صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدىّ إجازة، قال: أنشدنى العلّامة أثير الدين أبو حيّان من لفظه لنفسه:
سبق الدمع بالمسير المطايا ... إذ نوى من أحبّ عنّى نقله
وأجاد السّطور «٢» فى صفحة الخد ... ولم لا يجيد وهو ابن مقله
وله بالسند:
راض حبيبى عارض قد بدا ... يا حسنه من عارض رائض
فظنّ قوم أنّ قلبى سلا ... والأصل لا يعتدّ بالعارض
وله موشّحة، أوّلها:
إن كان ليل داج، وخاننا الإصباح «٣» ، فنورها الوهّاج، يغنى عن المصباح «٤»