ومن غريب الاتفاق أنه كان عمل طعاما لأخويه: أمير حاجّ وحسين حتى يكون غداءهما فى السجن، وعمل سماط السلطان على العادة فوقعت الضّجة، وقد مدّ السّماط، فركب السلطان من غير أكل، فلمّا انهزم وقبض عليه، وأقيم بدله أخوه أمير حاج مدّ السّماط [بعينه «١» له] فأكل منه، وأدخل بطعامه وطعام أخيه أمير حسين إلى الملك الكامل فأكله فى السجن. واستمرّ الملك الكامل المذكور فى السجن إلى يوم الأربعاء ثالث جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وسبعمائة قتل وقت الظهر ودفن «٢» عند أخيه يوسف ليلة الخميس، فكانت مدّة سلطنته على مصر سنة واحدة وثمانية وخمسين يوما؛ وقال الصّفدىّ: سنة وسبعة عشر يوما «٣» .
وكان من أشرّ الملوك ظلما وعسفا وفسقا. وفى أيامه- مع قصر مدّته- خربت بلاد كثيرة لشغفه باللهو وعكوفه على معاقرة الخمور، وسمع الأغانى وبيع الإقطاعات بالبذل «٤» ، وكذلك الولايات، حتى إنّ الإقطاع كان يخرج عن صاحبه وهو حىّ بمال لآخر، فإذا وقف من خرج إقطاعه قيل له نعوّض عليك قد أخرجناه لفلان الفلانى. وكان مع هذا كله سفّاكا للدماء، ولو طالت يده لأتلف خلائق كثيرة، وكان سيئ التدبير، يمكّن النساء والطواشيّة من التصرّف فى المملكة والتهتّك