فى النّزه والصيد ولعب الكرة بالهيئات الجميلة وركوب الخيول المسوّمة، مع عدم الاحتشام من غير حجاب من الأمير آخورية والغلمان، ويعجبه ذلك من تهتّكهنّ على الرجال، فشغف لذلك جماعة كثيرة من الجند بحرمه بما يفعلن من ركوب الخيول وغيرها. وكان حريمه إذا نزلن إلى نزهة بلغت الجرّة الخمر إلى ثلاثين «١» درهما، وهذا كلّه مع شرهه وشره حواشيه ونسائه إلى ما فى أيدى الناس من البساتين والرّزق والدواليب ونحوها، فأخذت أمّه معصرة وزير بغداد ومنظرته على بركة الفيل، وأشياء غير ذلك. وحدث فى أيامه أخذ خراج الرّزق وزيادة القانون ونقص الأجائر، وأعيدت فى أيامه ضمان أرباب الملاعيب وعدّة مكوس، وكان يحب لعب الحمام، فلما تسلطن تغالى فى ذلك وقرّب من يكون من أرباب هذا الشأن، ومع هذا الظلم والطمع لم يوجد له من المال سوى مبلغ ثمانين ألف دينار وخمسمائة ألف درهم، إلا أنه كان مهابا شجاعا سيوسا متفقّدا لأحوال مملكته، لا يشغله لهوه عن الجلوس فى المواكب والحكم بين الناس. ولما أمسك وقتل قال فيه الصفدى:
بيت قلاوون سعاداته ... فى عاجل كانت وفى آجل «٢»[السريع]
حلّ على أملاكه للرّدى ... دين قد استوفاه بالكامل
*** السنة الأولى من سلطنة الملك الكامل شعبان على مصر وهى سنة ستّ وأربعين وسبعمائة، على أن أخاه الملك الصالح إسماعيل حكم منها إلى رابع