للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تريد أخذ الأموال إلى ان صاروا على نصف يوم منها، فمرّت بهم ريح فمات منهم على ظهور الخيل «١» جماعة كثيرة ودخلها باقيهم، فرأوا من الأموات ما هالهم، وأموالهم ليس لها من يحفظها، فأخذوا ما قدروا عليه، وهم يتساقطون موتى، فنجا من بقى منهم بنفسه، وعادوا إلى بلادهم وقد هلك أكثرهم، والموت قد فشا بأرضهم أيضا بحيث إنه مات منهم فى ليلة واحدة عدد كثير، وبقيت أموال العربان ساتبة لا تجد من يرعاها، ثمّ أصاب الغنم داء، فكانت الشاة إذا ذبحت وجد لحمها منتنا قد اسودّ وتغيّر، وماتت المواشى بأسرها.

ثم وقع الوباء بأرض برقة «٢» إلى الإسكندرية، فصار يموت فى كلّ يوم مائة.

ثمّ صار يموت مائتان، وعظم عندهم حتى إنه صلّى فى اليوم الواحد بالجامع دفعة واحدة على سبعمائة جنازة، وصاروا يحملون الموتى على الجنويّات «٣» والألواح، وغلّقت دار الطّراز لعدم الصّنّاع، وغلّقت دار الوكالة، وغلّقت الأسواق وأريق ما بها من الخمور. وقدمها مركب فيه إفرنج فأخبروا أنهم رأوا بجزيرة طرابلس مركبا عليه طير تحوم فى غاية الكثرة، فقصدوه فإذا جميع من فيها ميّت والطير يأكلهم، وقد مات من الطير أيضا شىء كثير، فتركوهم ومروا فما وصلوا الى الإسكندرية حتى مات منهم «٤» زيادة على ثلثهم. ثمّ وصل إلى مدينة دمهور «٥»