وقام الأمير شيخون العمرىّ والأمير مغلطاى أمير آخور بتغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم. وبطل الأذان من عدّة مواضع، وبقى فى المواضع المشهورة يؤذّن مؤذّن واحد، وبطلت أكثر طبلخاناة الأمراء،؟؟؟ ار فى طبلخانة الأمير شيخون ثلاثة نفر بعد خمسة عشر نفرا. وغلّقت أكثر المساجد والزوايا. وقيل إنه ما ولد لأحد فى هذا الوباء إلا ومات الولد «١» بعد يوم أو يومين ولحقته أمّه.
ثمّ شمل فى آخر السنة الوباء بلاد الصعيد بأسرها ولم يدخل الوباء أرض أسوان «٢» ، ولم يمت به سوى أحد عشر إنسانا. ووجدت طيور كثيرة ميّتة فى الزروع ما بين غربان وحدأة وغيرها من سائر أصناف الطيور، فكانت إذا أنتفت وجد فيها أثر الكبة.
وتواترت الأخبار من الغور «٣» وبيسان وغير ذلك أنهم كانوا يجدون الأسود والذئاب وحمر الوحش، وغيرها من الوحوش ميّتة وفيها أثر الكبّة.
وكان ابتداء الوباء أوّل «٤» أيام التّخضير، فما جاء أوان الحصاد حتى فنوا الفلّاحون ولم يبق منهم إلا القليل، فخرج الأجناد بغلمانهم للحصاد ونادوا: من يحصد يأخذ نصف ما حصد، فلم يجدوا واحدا، ودرسوا غلالهم على خيولهم وذرّوها بأيديهم، وعجزوا عن غالب الزرع فتركوه، وكان الإقطاع الواحد يصير من واحد إلى واحد حتى إلى السابع والثامن، فأخذ إقطاعات الأجناد أرباب الصنائع من الخياطين والأساكفة، وركبوا الخيول ولبسوا الكلفتاه والقباء. وكثير من الناس لم يتناول فى هذه السنة من إقطاعه شيئا، فلمّا جاء النيل ووقع أوان التخضير