بالأحكار والحسينية والصّليبة وباقى الخطط خارج القاهرة وهم أضعاف ذلك، وعدّت النّعوش وكانت عدّتها ألفا وأربعمائة نعش، فحملت الأموات على الأقفاص ودراريب «١» الحوانيت، وصار يحمل الاثنان والثلاثة فى نعش واحد وعلى لوح واحد، وطلبت القرّاء على الأموات فأبطل كثير من الناس صناعاتهم «٢» ، وانتدبوا للقراءة على «٣» الجنائز، وعمل جماعة مدراء «٤» وجماعة غسّالا وجماعة تصدّوا لحمل الأموات، فنالوا بذلك جملا مستكثرة، وصار المقرئ يأخذ عشرة دراهم، وإذا وصل إلى المصلّاة تركه وانصرف لآخر، ويأخذ الحمّال ستّة دراهم بعد الدّخلة [عليه «٥» ] ، وصار الحفّار يأخذ أجرة حفر كلّ قبر خمسين درهما، فلم يمتّع اكثرهم بذلك وماتوا.
ودخلت امرأة غاسلة لتغسّل امرأة فلمّا جرّدتها من ثيابها، ومرّت بيدها على موصع الكبّة صاحت الغاسلة وسقطت ميّتة، فوجدوا فى بعض أصابعها التى لمست بها الكبّة كبّة قدر الفولة، وصار الناس يبيتون بموتاهم فى التّرب لعجزهم عن تواريهم، وكان أهل البيت يموتون جميعا وهم عشرات، فلا يوجد لهم سوى نعش واحد ينقلون فيه شيئا بعد شىء، وأخذ كثير من الناس دورا وأموالا بغير استحقاق لموت مستحقيها فلم يتمّل «٦» أكثرهم بما أخذ حتى مات بعدهم بسرعة، ومن عاش منهم استغنى [به «٧» ] ، وأخذ كثير من العامة «٨» إقطاعات حلقة.