وفى عاشر ذى الحجة كانت الواقعة بمنى، وقبض على الملك المجاهد صاحب اليمن، واسمه علىّ بن داود ابن المظفر يوسف ابن المنصور عمر بن علىّ بن رسول، وكان من خبره أنّ ثقبة لمّا بلغه استقرار أخيه عجلان عوضه فى إمرة مكة، توجه إلى اليمن، وأغرى صاحب اليمن بأخذ مكة وكسوة الكعبة، فتجهّز الملك المجاهد صاحب اليمن، وسار يريد الحج فى حفل كبير بأولاده وأمّه، حتى قرب من مكة وقد سبقه حاجّ مصر، فلبس عجلان آلة الحرب، وعرّف أمراء مصر ما عزم عليه صاحب اليمن، وحذّرهم غائلته، فبعثوا إليه بأنّ من يريد الحج إنما يدخل مكة بذلّة ومسكنة، وقد ابتدعت من ركوبك بالسلاح بدعة، لا تمكّنك أن تدخل بها، وابعث إلينا ثقبة ليكون عندنا، حتى تنقضى أيام الحج فنرسله إليك، فأجاب لذلك، وبعث ثقبة رهينة، فأكرمه الأمراء. وركبوا الأمراء «١» فى جماعة إلى لقاء الملك المجاهد، فتوجهوا إليه ومنعوا سلاح داريّته بالمشى معه بالسلاح، ولم يمكّنوه من حمل الغاشية، ودخلوا به مكة فطاف وسعى، وسلّم على الأمراء واعتذر إليهم، ومضى إلى منزله، وصار كلّ منهم على حذر حتى وقفوا بعرفة، وعادوا إلى الخيف من منى، وقد تقرّر الحال بين الأمير ثقبة وبين الملك المجاهد على أنّ الأمير طاز إذا سار من مكة أوقعا بأمير الحاج ومن معه، وقبضا على عجلان، وتسلّم ثقبة مكة.
فاتفق أن الأمير بزلار رأى وقد عاد من مكة إلى منى خادم الملك المجاهد سائرا، فبعث يستدعيه فلم يأته، وضرب مملوكه، بعد مفاوضة جرت بينهما وجرحه فى كتفه، فماج الحاجّ، وركب الأمير بزلار وقت الظهر إلى الأمير طاز، فلم يصل إليه حتى أقبلت الناس جافلة، تخبر بركوب الملك المجاهد بعسكره للحرب،