وظهرت لوامع أسلحتهم، فركب طاز وبزلار وأكثر العسكر المصرى بمكة، فكان أوّل من صدم أهل اليمن بزلار وهو فى ثلاثين فارسا، فأخذوه فى صدرهم إلى أن أرموه قريب خيمته، ومضت فرقة إلى جهة طاز فأوسع لهم طاز، ثمّ عاد عليهم. وركب الشريف عجلان والناس، فبعث الأمير طاز لعجلان: أن احفظ الحاجّ ولا تدخل بيننا فى حرب، ودعنا مع غريمنا. واستمرّ القتال بينهم إلى بعد العصر، فركب أهل اليمن مع كثرة عددهم واستعدادهم الذّلّة، والتجأ الملك المجاهد إلى دهليزه، وقد أحاط به العسكر وقطعوا أطنابه وألقوه إلى الأرض، فمرّ الملك المجاهد على وجهه منهزما، ومعه أولاده، فلم يجد طريقا، فسلّم المجاهد ولديه لبعض الأعراب، وعاد بمن معه من عسكره، وهم فى أقبح حال، يصيحون الأمان يا مسلمون! فأخذوا وزيره، وتمزّقت عساكره فى تلك الجبال، وقتل منهم خلق كثير، ونهبت أموالهم وخيولهم عن آخرها، وانفصل الحال عند غروب الشمس، وفرّ ثقبة بعبيده وعربه، فأخذ عبيد عجلان جماعة من الحاج فيما بين مكّة ومنى، وقتلوا جماعة.
قلت: هذا شأن عرب مكة وعبيدها، وهذه فروسيتّهم لا فى لقاء العدوّ، وكان حقّهم يوم ذاك خفر الحاجّ، كون التّرك قاموا عنهم بدفع عدوّهم، وإلا كان المجاهد يستولى عليهم، وعلى أموالهم وذراريهم فى أسرع وقت. انتهى.
ولما أراد طاز الرحيل من منى، سلّم أمراء «١» المجاهد وحريمه إلى الشريف عجلان، وأوصاه بهم، وركب الأمير طاز ومعه المجاهد محتفظا به، وبالغ فى إكرامه يريد الديار المصرية، وصحب معه أيضا الأمير بيبغا أرس مقيّدا، وبعث