قد تمادى فى طلب مغلطاى ومنكلى بغا حتى أظلم الليل، فلم يشعر إلا بمملوك النائب قد أتاه برسالة النائب أن مغلطاى عنده فى بيت «١» آل ملك بالحسينيّة، فبعث صرغتمش جماعة لأخذه، ومرّ فى طلب منكلى بغا، فلقيه الأمير محمد بن بكتمر «٢» الحاجب وعرّفه أن منكلى بغا نزل قريبا من قناطر «٣» الأميرية، ووقف يصلّى، وأنّ طلب الأمير مجد الدين موسى بن الهذبانىّ، قد جاء من جهة كوم الرّيش «٤» ، ولحقه الأمير أرغون ألبكى فى جماعة، فقبض عليه وهو قائم يصلّى، وكتّفوه بعمامته، وأركبوه بعد ما نكلّوا به، فلم يكن غير قليل حتى أتوا بهما فقيّدا وحبسا بخزانة شمائل، ثم أخرجا إلى الإسكندرية، ومعهما ابنا منكلى بغا فسجنوا بها.
وأمّا صرغتمش فإنه لمّا فرغ من أمر مغلطاى ومنكلى بغا وقبض عليهما، أقبل على السلطان بمن معه بقبة النصر، وعرّفه بمسك الأميرين، فسرّ السلطان سرورا كبيرا، ونزل هو والأمراء وباتوا بقبّة النصر، وركب السلطان بكرة يوم السبت ثالث شهر رجب إلى قلعة الجبل، وجلس بالإيوان وهنّئوه بالسلامة والظفر، وفى الحال كتب بإحضار الأمير شيخون، وخرج جماعة من الأمراء بمماليكهم «٥» إلى لقائه، ونزلت البشائر إلى بيت شيخون، وبيت بيبغا أرس وبيت منجك اليوسفىّ الوزير، فكان يوما عظيما، وبات الأمراء تلك الليلة على تخوّف.
وأمّا شيخون لمّا ورد عليه الرسول بإطلاقه أوّلا، خرج من الإسكندريّة وهو ضعيف، وركب الحرّاقة، وفرح أهل الإسكندرية لخلاصه، وسافر فوافاه كتاب