الأمير صرغتمش بأنه إذا أتاك أيدمر بنيابة حماة، لا ترجع وأقبل إلى القاهرة فأنا وطاز معك؛ فلمّا قرأ شيخون الكتاب تغير وجهه، وعلم أنه قد حدث فى أمره شىء، فلم يكن غير ساعة «١» ، حتى لاحت له حرّاقة أيدمر، فمرّ شيخون وهو مقلع وأيدمر منحدر إلى أن تجاوزه، وأيدمر يصيح ويشير بمنديله إليه فلا يلتفتون إليه، فأمر أيدمر بأن تجهّز مركبه بالقلع، وترجع خلف شيخون، فما تجهّز قلع مركب أيدمر حتى قطع شيخون بلادا كثيرة، وصارت حرّاقته تسير وأيدمر فى أثرهم فلم يدركوه إلا بكرة يوم السبت، فعند ما طلع إليه أيدمر وعرّفه ما رسم به، من عوده إلى حماة، وقرأ المرسوم الذي على يد أيدمر برجوعه إلى نيابة حماة، وإذا بالخيل يتبع بعضها بعضا، والمراكب قد ملأت وجه الماء تبادر لبشارته وإعلامه بما وقع من الركوب ومسك مغلطاى ومنكلى بغا، فسرّ شيخون بذلك سرورا عظيما «٢» ، وسار إلى أن أرسى بساحل «٣» بولاق فى يوم الأحد رابع شهر رجب، بعد أن مشت له الناس إلى منية الشيرج، فلما رأوه صاحوا ودعوا له وتلقّته المراكب، وخرج الناس إلى الفرجة عليه، حتى بلغ كراء المركب إلى مائة درهم، وما وصلت الحرّاقة إلا وحولها فوق ألف مركب، وركبت الأمراء إلى لقائة وزيّنت الصليبة وأشعلت الشموع، وخرجت مشايخ الصوفية بصوفيّتهم إلى لقائه، فسار فى موكب لم ير مثله لأمير قبله، وسار حتى طلع القلعة وقبّل الأرض بين يدى السلطان الملك الصالح، فأقبل عليه السلطان وخلع»