طالب الحق وعليهم أبو حمزة والتقى الجمعان بقديد «١» في صفر فانهزم جيش عبد الواحد وساق أبو حمزة فاستولى على المدينة أيضاً، وقتل يوم وقعة القديد هذه ثلثمائة نفس من قريش: منهم حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوام، وابنه عمارة، وابن أخيه مصعب حتى قالت بعض النوائح:
ما للزمان وما ليه ... أفنى قديد رجاليه
ثم إن مروان الحمار بعث جيشاً عليه عبد الملك بن محمد بن عطية، فسار ابن عطية المذكور والتقى مع أبي حمزة مقدم عساكر طالب الحق فكسره، وقتل أبرهة الذي كان ولاه طالب الحق على مكة عند بئر ميمونة، فبلغ طالب الحق فأقبل من اليمن في ثلاثين ألفاً، فخرج إليه عبد الملك بن محمد المذكور بعساكر مروان فكانت بينهم وقعة عظيمة انهزم فيها طالب الحق، ثم ألتقوا ثانياً، وثالثاً قتل فيها طالب الحقّ فى نحو من ألف حضرمىّ، وبعث عبد الملك بن محمد برأسه إلى الخليفة مروان الحمار. وفيها كانت زلازل شديدة بالشام وأخربت بيت المقدس وأهلكت»
أولاد شداد بن أوس فيمن هلك، وخرج أهل الشأم إلى البرية وأقاموا أربعين يوماً على ذلك، وقيل: كان ذلك في سنة إحدى وثلاثين ومائة. وفيها توفي الخليل ابن أحمد بن عمرو الفراهيدي أبو عبد الرحمن النحوىّ البصرىّ.
قال ابن قرأوغلى: ولم يكن بعد الصحابة أذكى من الخليل هذا ولا أجمع، وكان قد برع في علم الأدب، وهو أول من صنف العروض، وكان من أزهد الناس.
قلت: ولعل ابن قرأوغلى واهم في وفاة الخليل هذا، والذي أعرفه أنه كان في عصر أبي حنيفة وغيره. وذكر الذهبي وفاته في سنة ستين ومائة، وقال ابن