للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانضم إليه المصريون والمنهزمون حتى صار في ثلاثة وخمسين ألفاً ونزل جلولاء، ونزل قحطبة في آخر العام بخانقين «١» ، فوقع بين الطائفتين عدة وقائع وبقوا على ذلك إلى السنة الآتية. وفيها كان الطاعون العظيم، هلك فيه خلق كثير، حتى قيل: إنه مات في يوم واحد سبعون ألفاً قاله ابن الجوزي، وكان هذا الطاعون يسمى:

«طاعون أسلم بن قتيبة» .

قال المدائني: كان بالبصرة في شهر رجب واشتد في رمضان ثم خف في شوال وبلغ كل يوم ألف جنازة، وهذا خامس عشر طاعوناً وقع في الإسلام حسبما تقدم ذكره في هذا الكتاب، قال المدائني: وهذا كله في دولة بني أمية، بل نقل بعض المؤرخين أن الطواعين في زمن بني أمية كانت لا تنقطع بالشأم حتى كان خلفاء بني أمية إذا جاء زمن الطاعون يخرجون إلى الصحراء، ومن ثم اتخذ هشام بن عبد الملك الرصافة منزلاً، وكانت الرصافة بلدة قديمة للروم، ثم خف الطاعون في الدولة العباسية، فيقال: إن بعض أمراء بني العباس بالشأم خطب فقال:

احمدوا الله الذي رفع عنكم الطاعون منذ ولينا عليكم، فقام بعض من له جرأة فقال:

إن الله أعدل من أن يجمعكم علينا والطاعون اهـ. وفيها تحول أبو مسلم الخراساني عن مرو ونزل نيسابور واستولى على عامة خراسان. وفيها توفي واصل بن عطاء أبو حذيفة البصري مولى بني مخزوم، وقيل: مولى بني ضبة، ولد سنة ثمانين بالمدينة، وكان أحد البلغاء لكنه كان يلثغ بالراء يبدلها غيناً، وكان لاقتداره على العربية وتوسعه في الكلام يتجنب الراء في خطابه، وفي هذا المعنى يقول بعض الشعراء:

وجعلت وصلي الراء لم تنطق به ... وقطعتني حتى كأنك واصل