إلى الديار المصرية الأمير آقتمر الصاحبى نائب السلطنة بالديار المصرية وكان قد توجّه إلى بلاد الصعيد قبل توجّه السلطان الملك الأشرف إلى الحجاز، فتلقاه أمراء مصر وعظّموه وقالوا له: أنت نائب السلطنة على عادتك وأنت المتحدّث وكلّنا مماليكك، فلم يسعه إلا مطاوعتهم على ما أرادوا وكان كلام الأمراء لآقتمر الصاحبى بهذا القول، خوفا ممّن أتى من الأمراء والخاصكيّة من العقبة.
ثم اتفق المصريون على قتال طشتمر الدوادار ومن أتى معه من العقبة من المماليك الأشرفية وغيرها، فنزلوا اليهم من القلعة بعد المغرب في جمع كبير والتقوا معهم على الصوّة «١» من تحت القلعة، تجاه الطبلخاناة السلطانية وتقاتلوا، فانكسر طشتمر ومن معه من الأمراء والمماليك الأشرقية وانهزموا بعد المغرب إلى ناحية الكيمان، فلما كان الليل أرسل طشتمر طلب الأمان لنفسه، فأرسلوا له الأمان، فلما حضر مسكوه وقيّدوه هو وجماعته وحبسوهم بالقلعة، وفيه يقول الأديب شهاب الدين أحمد بن العطار. [الكامل]
إن كان طشتمر طغى ... وأتى بحرب مسرع
وبغى سيؤخذ عاجلا ... ولكلّ باغ مصرع
قلت: ما أشقى هؤلاء القوّم العصاة بالعقبة فإنهم كانوا سببا لزوال ملك أستاذهم الملك الأشرف وذهاب مهجته من غير أن يحصل أحدهم على طائل، بل ذهبت عنهم الدنيا والآخرة، فإنهم عصوا على أستاذهم وخلعوا طاعته من غير موجب وشمل ضررهم على الحجاج وغيرهم وارتكبوا أمورا قبيحة، فهذا ما حصلوه من الإثم.
وأما أمر الدنيا فإنها زالت عنهم بالكلية وخرج عنهم إقطاعاتهم ووظائفهم وأرزاقهم ومنهم من قتل أشرّ قتلة ولم يقرّبهم ملك من الملوك بعد ذلك، بل