فأوقع الحوطة على موجودهما، فوجد لهما ما لا يوصف: من ذلك أربعمائة سراويل لزوجته واستقرّ عوضه في نظر الجيش مكين الدين إبراهيم بن قروينة واستمرّ موسى في المصادرة وأجرى عليه العذاب ألوانا، وأمره أعجب من العجب وهو أنه كان قبل مصادرته نحيف البدن قليل الأكل، لا يزال سقيما بالرّبو وضيق النّفس، لزمه «١» الحمّى الصّالبة «٢» ، فلا يبرح محتميا ويلبس الفراء شتاء وصيفا، فبنى له أبوه بيتا فى الروضة ووكّل به الأطباء، يدبّرون له الأغذية الصالحة ويعالجونه وهو على ما هو عليه إلى أن قبض عليه وصودر وسلّم لوالى القاهرة ناصر الدين محمد بن المحسنى.
ثم نقل إلى لؤلؤ شادّ الدواوين وكان النّشو يغريهما على قتله، فضمن لؤلؤ للنشو قتله، فضربه أوّل يوم مائتى شيب «٣» وسعطه «٤» بالماء والملح وبالخل والجير حتى قوى عنده أنه مات فأصبح سويّا، فضربه بعد ذلك حتى أعياه أمره، وعقّد «٥» له المقرعة التى يضربه بها، فكانت إذا نزلت على جنبه تثقبه، فكان يضربه بتلك المقرعة حتى يقولوا: مات فيصبح فيعيدون عليه العذاب والتّسعيط، فصار يقيم اليوم واليومين والثلاثة لا يمكّن فيها من أكل ولا شرب. وكانوا إذا عاقبوه وفرغوا رموه عريانا فى قوّة الشتاء على البلاط فيتمرّغ عليه بجسده وهو لا يعى من شدّة الضرب والعقوبة، كل ذلك والنّشو يستحثّ على قتله. ثم عصروه في كعبيه وصدغيه، حتى لهجوا بموته وبشّروا النشر بموته غير مرة. ثم يتحرّك فيجدوه حيّا، واستمرّ على ذلك أشهرا ثم ترك نحو الشهر لمّا أعياهم أمره وأعادوا عليه العقوبة وعلى زوجته بنت الشمس غبريال وكانت كحاله في ضعف البدن والنّحافة وكانت حاملا، فولدت وهي تعصر،