صالح الشام بعد أمور صدرت. وفيها دعا عبد الله بن علي العباسي عم السفاح لنفسه وقال: إن السفاح قال: من انتدب لمروان الحمار فهو ولي عهدي من بعدي، وعلى هذا خرجت، فلما بلغ الخليفة أبا جعفر المنصور ذلك قال لأبي مسلم الخراساني: فإنما هو أنا وأنت؛ فسار أبو مسلم نحو عبد الله بن علي المذكور فوقع له معه وقعة هائلة كاد أن ينهزم فيها أبو مسلم، ثم كان النصر له وانهزم عبد الله ابن علي، فلما بلغ المنصور ذلك بعث لأبي مسلم الخراساني بولاية مصر والشأم معاً فأظهر أبو مسلم الغضب وقال: يوليني مصر والشام وأنا لي خراسان! وعزم على الشر، وقيل: بل شتم المنصور لما جاءه من عنده من يحصي الغنائم، وأجمع على الخلاف ثم طلب خراسان، وخرج المنصور إلى المدائن وكتب إلى أبي مسلم ليقدم عليه في طريقه، فرد عليه الجواب: إنه لم يبق لأمير المؤمنين عدو، وقد كنا نروي عن ملوك آل ساسان «١» أنه أخوف ما يكون الوزراء إذا سكنت الدهماء؛ فنحن نافرون من قربك، حريصون على الوفاء بعهدك ما وفيت، فإن أرضاك ذلك فإنا أحسن عبيدك، وإن أبيت نقضت ما أبرمت من عهدك «٢» . فرد عليه المنصور الجواب يطمنه مع جرير بن يزيد البجلي، وكان واحد وقته فخدعه.
وأما عبد الله بن علي وأخوه عبد الصمد، فقصد عبد الصمد الكوفة فاستأمن له عيسى بن موسى فأمنه المنصور، وتوجه عبد الله بن علي إلى أخيه سليمان بن علي متولي البصرة فاختفى عنده، والصحيح أن هذه الفتنة كان ابتداؤها في أواخر هذه السنة غير أن الوقعة والهرب كانا في سنة سبع وثلاثين ومائة. وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين أبو العباس عبد الله السفاح بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي، أول خلفاء بني العباس، مات في ذي الحجة وله ثلاث وثلاثون