وتوفّى الأمير الكبير سيف الدين آقتمر الصاحبىّ المعروف بالحنبلىّ نائب السلطنة بديار مصر، ثم بدمشق بها في ليلة الحادى عشر من شهر رجب وكان من أجلّ الأمراء وأعظمهم، باشر نيابة دمشق مرتين وتولّى قبلها عدّة ولايات. ثم بعد النيابة الأولى لدمشق ولى نيابة السلطنة بالقاهرة وساس الناس أحسن سياسة وشكرت سيرته وكان وقورا في الدول مهابا وفيه عقل وحشمة وديانة وكان سمّى بالحنبلىّ لكثرة مبالغته في الطهارة والوضوء.
وتوفّى الأمير سيف الدين يلبغا بن عبد الله النظامىّ الناصرىّ، وكان أوّلا من خاصكية الملك الناصر حسن ثم ترقى إلى أن صار أمير مائة ومقدّم ألف بمصر، ثم ولى نيابة حلب وبها مات فيما أظنّ وكان شجاعا مقداما.
وتوفى الأمير سيف الدين قرطاى أتابك العساكر مخنوقا بطرابلس وقد تقدّم واقعته مع صهره أينبك البدرىّ وهو أحد رءوس الفتن وممن ولى أتابكيّة العساكر من إمرة عشرة، وكان قتله في شهر رمضان. وجميع هؤلاء من أصاغر الأمراء لم تسبق لهم رياسة ليعرف حالهم وإنما وثب كل واحد منهم على ما أراد فأخذه، فلم تطل مدّتهم وقتل بعضهم بعضا إلى أن تفانوا.
وتوفّى القاضى صلاح الدين صالح بن أحمد بن عمر بن السّفّاح الحلبى الشافعىّ وهو عائد من الحج بمدينة بصرى «١» وكنيته أبو النّسك؛ ومولده في سنة اثنتى عشرة وسبعمائة بحلب وبها نشأ وولى بها وكالة بيت المال ونظر الأوقاف وعدّة وظائف أخر. وهو والد شهاب الدين أحمد كاتب سر حلب ثم مصر وكان كاتبا حسن التصرف، ذكره [زين الدين] أبو العزّ طاهر بن حبيب في تاريخه وأورد له نظما من ذلك: [الدّوبيت]