وشتاء. وغرّم على هذا العمل أموالا كثيرة فلم يحصل له ما أراد على ما يأتى ذكره.
وفي هذا المعنى يقول الأديب شهاب الدين أحمد بن العطار. [الخفيف]
شكت النّيل أرضه ... للخليلى فأحضره
ورأى الماء خائفا ... أن يطأها فجسّره
وقال في المعنى شرف الدين عيسى بن حجّاج العالية- رحمه الله تعالى-[الكامل]
جسر الخليلى المقرّ لقد رسا ... كالطّود وسط النّيل كيف يريد
فإذا سالتم عنهما قلنا لكم ... : ذا ثابت دهرا وذاك يزيد
فهذا هو الذي كان أشغل الخليلى عن الإقامة بالإسطبل السلطانى. وأيضا لما كان خطر في نفوسهم من الوثوب على الملك فإنه من يوم قتل الملك الأشرف شعبان وصار طشتمر اللّفّاف من الجنديّة أتابك العساكر. ثم من بعده قرطاى الطازى. ثم من بعده أينبك البدرى. ثم من بعده قطلقتمر. ثم الأتابك برقوق وبركة، وكلّ من هؤلاء كان إمّا جنديّا أو أمير عشرة وترقّوا إلى هذه المنزلة بالوثوب وإقامة الفتنة، طمع كلّ أحد أن يكون مثلهم ويفعل ما فعلوه فذهب لهذا المعنى خلائق ولم يصلوا إلى مقصودهم. انتهى.
واستمرّ الأتابك برقوق بعد مسك هؤلاء في تخوّف عظيم واحترز على نفسه من مماليكه وغيرهم غاية الاحتراز. فأشار عليه بعد ذلك أعيان خشداشيّته وأصحابه مثل:
أيتمش البجاسى وألطنبغا الجوبانى أمير مجلس وقردم الحسنىّ وجركس الخليلى ويونس النّوروزىّ الدوادار وغيرهم- أن يتسلطن ويحتجب عن الناس ويستريح ويريح من هذا الذي هو فيه من الاحتراز من قيامه وقعوده. فجبن عن الوثوب على السلطنة وخاف عاقبة ذلك فاستحثّه من ذكرناه من الأمراء، فاعتذر بأنّه يهاب قدماء