الأمراء بالديار المصريّة والبلاد الشامية. فركب سودون الفخرى الشيخونى حاجب الحجّاب ودار على الأمراء سرّا حتّى استرضاهم، ولا زال بهم حتّى كلّموا برقوقا فى ذلك وهوّنوا عليه الأمر وضمنوا له أصحابهم من أعيان النّوّاب والأمراء بالبلاد الشامية، وساعدهم في ذلك موت الأمير آقتمر عبد الغنى، فإنّه كان من أكابر الأمراء، وكان برقوق يجلس في الموكب تحته لقدم هجرته وكذلك بموت الأمير أيدمر الشّمسى، فإنه كان أيضا من أقران آقتمر عبد الغنى، فماتا في سنة واحدة على ما يأتى ذكرهما في الوفيات- إن شاء الله تعالى.
فعند ذلك طابت نفسه وأجاب، وصار يقدّم رجلا ويؤخر أخرى، حتّى كان يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة طلع الأمير قطلوبغا الكوكائى أمير سلاح وألطنبغا المعلّم رأس نوبة إلى السلطان الملك الصالح أمير حاجّ صاحب التّرجمة، فأخذاه من قاعة الدّهيشة «١» وأدخلاه إلى أهله بالدور السلطانية، وأخذا منه النّمجاة وأحضراها إلى الأتابك برقوق العثمانى، وقام بقيّة الأمراء من أصحابه على الفور وأحضروا الخليفة والقضاة وسلطنوه؛ على ما سنذكره في أوّل ترجمته، بعد ذكر حوادث سنين الملك الصالح هذا على عادة هذا الكتاب. إن شاء الله تعالى.
وخلع الملك الصالح من السلطنة، فكانت مدّة سلطنته على الديار المصريّة سنة واحدة وسبعة أشهر تنقص أربعه أيام، على أنه لم يكن له في السلطنة من الأمر والنهى لا كثير ولا قليل. واستمرّ الملك الصالح عند أهله بقلعة الجبل إلى أن أعيد للسلطنة ثانيا، بعد خلع الملك الظاهر برقوق من السلطنة وحبسه بالكرك في واقعة يلبغا الناصرىّ ومنطاش؛ كما سيأتى ذكر ذلك مفصّلا.