وطار الخبر في الوقت إلى الناصرى فلم يتحرك من مكانه ودام بمخيّمه وأرسل جماعة من الأمراء من أصحابه فسار من عسكره عدّة كبيرة واحتاطوا بالقلعة.
واصبح الأمير يلبغا الناصرىّ بمكانه وهو يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وندب الأمير منطاش في جماعة كبيرة إلى القلعة، فسار منطاش إلى قلعة الجبل في جموعه وطلع إلى الإسطبل السلطانىّ فنزل إليه الخليفة المتوكّل على الله أبو عبد الله محمد وسار مع منطاش إلى الناصرى بقبّة النصر، حتى نزل بمخيّمه، فقام الناصرى إليه وتلقّاه وأجلسه بجانبه ووانسه بالحديث.
هذا وقد انضمّت العامّة والزّعر والتّركمان من أصحاب الناصرى وتفرّقوا على بيوت الأمراء وحواصلهم، فنهبوا ما وجدوا حتى أخربوا الدور وأخذوا أبوابها وخشبها وهجموا منازل الناس خارج القاهرة ونهبوها واستمرّوا على ذلك وقد صارت مصر غوغاء وأهلها رعيّة بلا راع، حتى أرسل الناصرى الأمير ناصر الدين محمد بن الحسام وقد ولّاه ولاية القاهرة فسار ابن الحسام إلى القاهرة فوجد باب النصر مغلوقا، فدخل بفرسه راكبا من جامع «١» الحاكم إلى القاهرة وفتح باب النصر «٢» وباب الفتوح «٣» وعند فتح الأبواب طرق جماعة كبيرة من عسكر الناصرىّ القاهرة ونهبوا منها جانبا كبيرا، فقاتلهم الناس وقتلوا منهم أربعة نفر ومرّ بالناس في هذه الأيام شدائد وأهوال، وبلغ الناصرى الخبر فبعث أبا بكر بن سنقر الحاجب وتنكز بغا رأس نوبة إلى حفظ القاهرة فدخلاها.