قال: وغيّر ما كان للناس من الترتيب. واشتهر في أيامه ثلاثة أشياء قبيحة:
إتيان الذكران من اشتهاره بتقريب المماليك الحسان وتظاهر البراطيل وكان لا يكاد يولّى أحدا وظيفة إلا بمال واقتدى بهذا الملوك من بعده وكساد الأسواق لشحه وقلة عطائه، فمساوئه أضعاف حسناته. انتهى كلام المقريزىّ من هذا المعنى.
قلت: ونحن نشاحح الشيخ تقىّ الدين المقريزىّ في كلامه حيث يقول:
وحدث في أيامه ثلاثة أشياء قبيحة، فأمّا إتيان الذكران، فأقول: البلاء قديم وقد نسب اشتهار ذلك من يوم دخول الخراسانيّة إلى العراق في نوبة أبى مسلم الخراسانىّ في سنة اثنتين وثلاثين ومائة من الهجرة.
وأما اقتناؤه المماليك الحسان، فأين الشيخ تقىّ الدين من مشترى الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى حسان المماليك بأغلى الأثمان الذي لم يقع للملك الظاهر فى مثلها، حتى إن الملك الناصر محمد قدّم جماعة من مماليكه ممن شغف بمحبّتهم وأنعم عليهم بتقادم ألوف بمصر ولم يطرّ شارب واحد منهم، مثل بكتمر الساقى ويلبغا اليحياوى وألطنبغا الماردينى وقوصون وملكتمر الحجازى وطقزدمر الحموى وبشتك وطغاى الكبير وزوّجهم بأولاده، فحينئذ الفرق بينهما في هذا الشأن ظاهر. وأما قوله: أخذ البراطيل، فهذا أيضا قديم جدّا من القرن الثالث وإلى الآن، حتى إنه كان في دولة الملك الصالح إسماعيل ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون ديوان يعرف بديوان البذل (أعنى بديوان البرطيل) وشاع ذلك في الأقطار وصار من له حاجة يأتى إلى صاحب الديوان المذكور ويبذل فيما يرومه من الوظائف وهذا شىء لم يصل الملك الظاهر برقوق اليه.
وأما شحّه فهو بالنسبة لمن تقدّمه من الملوك شحيح وإلى من جاء بعده كريم والشيخ تقي الدين- رحمه الله- كان له انحرافات معروفة تارة وتارة ولولا ذاك