للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما كان يحكى عنه في تاريخه السلوك قوله: ولقد سمعت العبد الصالح جمال الدين عبد الله السكسرىّ «١» المغربى يخبرنى «٢» - رحمه الله- أنه رأى قردا في منامه صعد المنبر بجامع الحاكم فخطب ثم نزل ودخل المحراب ليصلّى بالناس الجمعة، فثار الناس عليه في أثناء صلاته بهم، فأخرجوه من المحراب وكانت هذه الرؤيا في أواخر سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، فكان ذلك تقدّم الملك الظاهر برقوق على الناس وسلطنته تأويل هذه الرؤيا، فإنه كان متخلّقا بكثير من أخلاق القردة شحا [وطمعا «٣» ] وفسادا ولكن الله يفعل ما يريد ولله الأمر من قبل ومن بعد. انتهى كلام المقريزى.

قلت: وتعبير الشيخ تقي الدين لهذه الرؤيا أن القرد هو الملك الظاهر فليس بشىء من وجوه عديدة، منها: أن برقوقا لم يتسلطن بعد قتل الملك الأشرف إلا بعد أن تسلطن ولد الملك الأشرف الملك المنصور علىّ وولده الملك الصالح أمير حاجّ.

ثم تسلطن برقوق بعد ستّ سنين من وفاة الأشرف ومنها: أن الناس لمّا أخرجوا القرد في أثناء الصلاة كان ينبغى أن يعود ويصلّى بالناس بعد إخراجه ثانيا صلاة أطول من الصّلاة الأولى، فإن برقوقا لما خلع عاد إلى السلطنة ثانيا ومكث فيها أكثر من سلطنته الأولى حتى كانت تطابق ما وقع لبرقوق وقولنا: إن الشيخ تقي الدين كان له تارات يشكر فيها وتارات يذم فيها، فإنه لما صحب الملك الظاهر المذكور فى سلطنته الثانية وأحسن إليه الظاهر أمعن في الثناء عليه في عدّة أماكن من مصنفاته ونسى مقالته هذه وغيرها وفاته أن يغيّر مقالته هذه، فإنه أمعن، ويقال