للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه وكلّمه في ذلك، فقال له منطاش: أنا في طاعة السلطان، وهو أستاذى وابن أستاذى، والأمراء إخوتى وما غريمى إلا الناصرىّ، لأنّه حلف لى وأنا بسيواس «١» ثم بحلب ودمشق أيضا بأننا نكون شيئا واحدا، وأن السلطان يحكم في مملكته بما شاء، فلمّا حصل لنا النصر وصار هو أتابك العساكر، استبد بالأمر، ومنع السلطان من التّحكّم، وحجر عليه، وقرّب خشداشيته اليلبغاوية وأبعدنى أنا وخشداشيّتى الأشرفية، ثم ما كفاه ذلك حتى بعثنى لقتال الفلّاحين، وكان الناصرى أرسله من جملة الأمراء إلى جهة الشرقية لقتال العربان، لمّا عظم فساد فلّاحيها.

ثم قال منطاش: ولم يعطنى الناصرى شيئا من المال سوى مائة ألف درهم، وأخذ لنفسه أحسن الإقطاعات وأعطانى أضعفها، والإقطاع الذي قرّره لى يعمل فى السنة ستمائة ألف درهم، والله ما أرجع عنه حتى أقتله أو يقتلنى، ويتسلطن ويستبدّ بالأمر وحده من غير شريك، فأخذ الخليفة يلاطفه فلم يرجع له، وقام الخليفة من عنده وهو مصمّم على مقالته، وطلع إلى الناصرى وأعاد عليه الجواب.

فعند ذلك ركب الناصرىّ بسائر مماليكه وأصحابه، ونزل بجمع كبير لقتال منطاش وصفّ عساكره تجاه باب السلسلة «٢» ، وبرز إليه منطاش أيضا بأصحابه وتصادما وأقتتلا قتالا شديدا، وثبت كلّ من الطائفتين ثباتا عظيما، فخرج من عسكر الناصرى الأمير عبد الرحمن ابن الأتابك منكلى بغا الشمسى صهر الملك الظاهر برقوق بمماليكه، والأمير صلاح الدين محمد بن تنكر نائب الشام، وكان أيضا من خواصّ الملك الظاهر برقوق، وسار صلاح الدين المذكور إلى منطاش ومعه خمسة أحمال نشّاب وثمانون حمل مأكل وعشرة آلاف درهم وانكسر الناصرى وأصحابه وطلع إلى باب السلسلة،