فتراجع أمره، وانضمّ عليه من بقى من خشداشيته اليلبغاوية، وندب لقتال منطاش الأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس ثانيا، والأمير قرادمرداش الأحمدى أمير سلاح، والأمير ألطنبغا المعلّم، والأمير مأمور القلمطاوى حاجب الحجّاب، والجميع يلبغاوية، ونزلوا في جمع موفور من العسكر وصدموا منطاش صدمة هائلة، وأحمى أظهرهم من في القلعة بالرمى على منطاش وأصحابه، فأخذ أصحاب منطاش عند ذلك في الرمى من أعلى المدرسة بالنشّاب والنفط، والتحم القتال، من فوق ومن أسفل، فانكسر عسكر الناصرى ثانيا، وانهزموا إلى باب السلسلة.
هذا والعامّة تأخذ النّشّاب من على الأرض وتأتى به منطاش وهو يتقرّب منهم ويترفّق لهم، ويقول لهم: أنا واحد منكم وأنتم إخواننا وأصحابنا، وأشياء كثيرة من هذه المقولة، هذا وهم يبذلون نفوسهم في خدمته ويتلاقطون النّشّاب من الرّميلة مع شدة رمى الناصرى عليهم من القلعة.
ثم ظفر منطاش بحاصل للأمير جركس الخليلى الأمير آخور وفيه سلاح كثير ومال، وبحاصل آخر لبكلمش العلائى، فأخذ منطاش منهما شيئا كثيرا، فقوى به، فإنّه كان أمره قد ضعف من قلّة السلاح لا من قلّة المقاتلة، لأن غالب من أتاه بغير سلاح.
ثم ندب الناصرىّ لقتاله الأمير مأمورا حاجب الحجّاب والأمير جمق بن أيتمش والأمير قراكسك في عدة كبيرة من اليلبغاويّة وقد لاح لهم زوال دولة اليلبغاوية بحبس الملك الظاهر برقوق، ثم بكسرة الناصرىّ من منطاش إن ثم ذلك؛ فنزلوا إلى منطاش وقد بذلوا أرواحهم، فبرز لهم العامة أمام المنطاشية، وأكثروا من رميهم بالحجارة في وجوههم ووجوه خيولهم حتى كسروهم، وعادوا إلى باب السلسلة.