للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلّ ذلك والرمى من القلعة بالنّشّاب والنفوط والمدافع متواصل على المنطاشية، وعلى من بأعلى المدرسة الحسنية، حتى أصاب حجر من حجارة المدفع القبة الحسنية فخرقها، وقتل مملوكا من المنطاشية، فلمّا رأى منطاش شدّة الرمى عليه من القلعة أرسل أحضر المعلّم ناصر الدين محمد بن الطّرابلسى وكان أستاذا في الرمى بمدافع النّفط، فلمّا حضر عنده جرّده من ثيابه ليوسّطه من تأخّره عنه فآعتذر إليه بأعذار مقبولة، ومضى ناصر الدين في طائفة من الفرسان وأحضر آلات النفط وطلع على المدرسة ورمى على الإسطبل السلطانى، حيث هو سكن الناصرى حتى أحرق جانبا من خيمة الناصرى وفرّق جمعهم، وقام الناصرىّ والسلطان الملك المنصور من مجلسهما ومضيا إلى موضع آخر امتنعا فيه، ولم يمض النهار حتى بلغت عدّة فرسان منطاش نحو الألفى مقاتل.

وبات الفريقان في تلك الليلة لا يبطلان الرّمى حتى أصبحا يوم الأربعاء وقد جاء كثير من مماليك الأمراء إلى منطاش، ثم خرج من عسكر الناصرى الأمير تمرباى الحسنىّ حاجب الحجّاب، والأمير قردم الحسنى رأس نوبة النّوب في جماعة كبيرة من الأمراء، وصاروا إلى منطاش من جملة عسكره، وغالب هؤلاء الأمراء من اليلبغاوية.

ثم ندب الناصرىّ لقتال منطاش الأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس، والأمير قرا دمرداش الأحمدى أمير سلاح، وعيّن منهم جماعة كبيرة، فنزلوا وصدموا المنطاشية صدمة هائلة انكسروا فيها غير مرّة، وابن يلبغا يعود بهم إلى أن ضعف أمره، وانهزم وطلع إلى باب السلسلة، هذا والقوم يتسللون من الناصرى إلى منطاش والعامه تمسك من وجدوه من التّرك ويقولون له: ناصرىّ، أم منطاشىّ فإن قال:

ناصرى أنزلوه من على فرسه وأخذوا جميع ما عليه وأتوا به إلى منطاش.