وكان الشهاب البريدىّ أصله من الكرك، وتزوج ببنت قاضى الكرك القاضى عماد الدين أحمد بن عيسى المقيّرىّ الكركى، ثم وقع بين الشهاب المذكور وبين زوجته، فقام أبوها عليه حتى طلّقها منه، وزوجها بغيره، وكان الشهاب مغرما بها، فشقّ ذلك عليه، وخرج من الكرك وقدم مصر وصار بريديّا وضرب الدهر ضرباته حتى كان من أمر منطاش ما كان، فاتصل به الشهاب المذكور ووعده أنه يتوجّه لقتل الملك الظاهر برقوق، فجهزه منطاش لذلك سرّا وكتب على يده إلى الأمير حسام الدين الكجكنى نائب الكرك كتبا بذلك وحثّه على القيام مع الشهاب المذكور على قتل برقوق وأنه ينزله بقلعة الكرك ويسكنه بها حتى يتوصّل لقتل الملك الظاهر برقوق.
وخرج الشهاب من مصر ومضى إلى نحو الكرك على البريد حتى وصل قرية المقيّر «١» بلد صهره القاضى عماد الدين قاضى الكرك الذي أصله منها، فنزل بها الشهاب ولم يكتم ما في نفسه من الحقد على القاضى عماد الدين، وقال: والله لأخربن دياره وأزيد في أحكار أملاكه وأملاك أقاربه بهذه القرية وغيرها، فاشتوحش قلوب الناس وأقارب عماد الدين من هذه الكلام وأرسلوا عرّفوه بقصد الشهاب وما جاء بسببه قبل أن يصل الشهاب إلى الكرك، ثم ركب الشهاب من المقيّر وسار إلى الكرك حتى وصلها في الليل، وبعث للنائب من يصيح به من تحت السور، فمنعوه من ذلك، وأحسّ الكجكنى بالأمر، فلمّا أصبح أحضره إلى دار السعادة، وقرأ كتاب السلطان الذي على يده، وكتاب منطاش ومضمونهما أمور أخر غير قتل الظاهر برقوق؛ فامتثل النائب ذلك بالسمع والطاعة.