لقتل أستاذه الملك الظاهر، فلمّا سمعوا ذلك اجتمعوا في الحال؛ وقصدوا القلعة وهجموها حتى دخلوا إلى الشهاب المذكور وهو بسكنه من قلعة الكرك، ووثبوا عليه وقتلوه، ثم جرّوه برجله إلى الباب الذي فيه الملك الظاهر برقوق، وكان نائب الكرك الكجكنى عند الملك الظاهر، وقد ابتدءوا في الإفطار بعد أذان المغرب، وهي ليلة الأربعاء عاشر شهر رمضان من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة المقدّم ذكرها، فلم يشعر الملك الظاهر والكجكنى إلا وجماعة قد هجموا عليهم وهم يدعون للملك الظاهر بالنصر؛ وأخذوا الملك الظاهر بيده حتى أخرجوه من البرج الذي هو فيه، وقالوا له: دس بقدمك عند رأس عدوّك، وأروه الشهاب مقتولا، ثم نزلوا به إلى المدينة فدهش النائب ممّا رأى، ولم يجد بدا من القيام في خدمة الملك الظاهر وتجهيزه، وانضمّ على الملك الظاهر أقوام الكرك وأجنادها، وتسامع به أهل البلاد، فأتوه من كلّ فجّ بالتقادم والخيول، كلّ واحد بحسب حاله، وأخذ أمر الملك الظاهر برقوق من يوم ذلك في استظهار على ما سيأتى ذكره.
وأمّا أمر منطاش فإنه لمّا سمع هذا الخبر وتحقّقه علم أنه وقع في أمر عظيم، فأخذ في تدبير أحواله، فأوّل ما ابتدأ بمسك الأمير قرقماس الطشتمرى الخازندار، وأحد أمراء الألوف بديار مصر، وبمسك الأمير شاهين الصرغتمشى أمير آخور، وبمسك قطلوبك أستادار الأتابك أيتمش البجاسىّ، وعلى جماعة كبيرة من المماليك الظاهريّة، وتداول ذلك منه أياما.
ثم أنعم منطاش على جماعة من الأمراء بأموال كثيرة، ورسم بسفر أربعة آلاف فارس إلى مدينة غزّة صحبة أربعة أمراء من مقدّمى الألوف بالديار المصرية، وهم: أسندمر اليوسفى، وقطلوبغا الصفوى، ومنكلى باى الأشرفىّ، وتمربغا الكريمى، وأنفق في كلّ أمير منهم مائة ألف درهم فضّة، ثم عيّن منطاش مائة مملوك