منطاش ذلك أخرج أسندمر بن يعقوب شاه كما تقدّم ذكره، وسار اليهم من الشرق، وتوجّه إلى جهة الصعيد بمن معه، فلقيه الخارجون عن الطاعة، فواقعهم أسندمر بمن معه، فكسروه، فرسم منطاش بخروج نجدة لهم من الأمراء والمماليك وأجناد الحلقة، وبينما هو في تجهيز أمرهم جاء الخبر أن أسندمر واقع مبارك شاه ثانيا وكسره، وقبض عليه، وأرسله إلى منطاش. فقدم مقيدا، فرسم منطاش بحبسه في خزانة شمائل «١» .
ثمّ في يوم سابع عشرينه عيّن منطاش تجريدة إلى جهة الكرك فيها أربعة وقيل خمسة أمراء من مقدّمى الألوف، وثلاثمائة مملوك، ثم أخرج منطاش الأمير بلّوط الصرغتمشى، والأمير غريب لكشف أخبار الملك الظاهر برقوق بالكرك.
وأما الملك الظاهر برقوق فإنه لما أنزله عوامّ الكرك من قلعتها إلى المدينة وقاموا فى خدمته، وأتته العربان، وصار في طائفة كبيرة، ووافقه أيضا أكابر أهل الكرك، فقوى شوكته بهم، وعزم على الخروج من الكرك، وبرّز أثقاله إلى ظاهر الكرك، فاجتمع عند ذلك أعيان الكرك عند القاضى عماد الدين أحمد بن عيسى المقيّرى قاضى الكرك وكلموه في القيام على الملك الظاهر برقوق مراعاة للملك المنصور حاجّى، وللأمير منطاش، واتفقوا على قبضه وإعلام أهل مصر بذلك، وأنهم يعتذرون لمنطاش أنه لم يخرج من حبسه بالكرك إلا باجتماع السفهاء من أهل الكرك، ليكون ذلك عذرا لهم عند السلطان، وبعثوا ناصر الدين محمدا أخا القاضى عماد الدين المذكور، فأغلق باب المدينة، وبقى الملك الظاهر برقوق داخل المدينة وحيل بينه وبين أثقاله ومعظم أصحابه.