فلمّا قام الملك الظاهر برقوق ليركب فرسه بلغه ذلك، وكان القاضى علاء الدين علىّ كاتب سر الكرك، وهو أخو القاضى عماد الدين يكتب للملك الظاهر فى مدة خروجه من حبس الكرك، وبالغ في خدمته، وانضمّ عليه، فلما رأى ما نزل بالملك الظاهر وبلغه اتفاق أهل المدينة مع أخيه القاضى عماد الدين على القبض على الملك الظاهر برقوق أعلم الملك الظاهر بذلك، وقوى قلبه، وحرّضه على السير إلى باب المدينة، فركب معه برقوق، وسار حتى وصل إلى الباب وجده مغلقا وأخوه ناصر الدين قائم عند الباب، كما أمره أخوه عماد الدين قاضى الكرك، فما زال علاء الدين بأخيه ناصر الدين المذكور حتى فتح له الباب، وخرج بالملك الظاهر منه ولحق ببقية أصحابه ومماليكه الذين كانوا حضروا إليه من البلاد الشامية، فأقام الملك الظاهر بالتّنية «١» خارج الكرك يوما واحدا، وسأر من الغد في يوم ثانى عشرين شوال الى نحو دمشق، ونائبها يوم ذاك جنتمر أخو طاز، وقد وصل إليه الأمير الطنبغا الحلبى من مصر نائبا بحلب عوضا عن الأمير كمشبغا الحموى، فاستعدّوا لقتال الملك الظاهر، ومعهما أيضا حسام الدين حسن بن باكيش نائب غزة مساكرها.
ثم أقبل الملك الظاهر برقوق بمن معه، فالتقوا على شقحب «٢» قريبا من دمشق، واقتتلوا قتالا شديدا، كسروا فيه الملك الظاهر غير مرّة، وهو يعود إليهم ويقاتلهم إلى أن كسرهم، وانهزموا إلى دمشق وقتل منهم ما يزيد على الألف، قاله المقريزى،