للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما قصد الملك الظاهر السلطان الملك المنصور حاجّيّا والخليفة والقضاة وأخذهم وملك العصائب السلطانية وقف تحت العصائب، فلما رآه المنصور ارتاع، فسكّن الملك الظاهر روعه، وآنسه بالكلام، وسلّم على الخليفة والقضاة، وبشّ في وجوههم وتلطّف بهم، فإنه لمّا رآه الخليفة كاد بهلك من هيبته، وكذلك القضاة؛ فما زال بهم حتى اطمأن خواطرهم.

هذا بعد أن سلبت النّهابة القضاة الثلاثة جميع ما عليهم، قبل أن يقع بصر الملك الظاهر عليهم، ما خلا القاضى الحنبلى ناصر الدين نصر الله، فإنه سلم من النهب، لعدم ركوبه وقت الحرب، ولم يركب حتى تحقق نصرة الملك الظاهر برقوق، فعند ذلك ركب وجاء إليه مع جملة رفقته، وأما مباشر والدولة فإنهم كانوا توجهوا الجميع إلى دمشق، هذا بعد أن قتل من الطائفتين خلائق كثيرة جدّا بطول الشرح في ذكرها.

واستمر الملك الظاهر واقفا تحت العصائب السلطانية والملك المنصور والخليفة بجانبه، وتلاحق به أصحابه شيثا بعد شىء، وتداول مجيئهم إليه، وجاءه جمع كبير من العساكر المصرية طوعا وكرها، فإنه صار الرجل منهم، بعد فراغ المعركة يقصد العصائب السلطانية، فيجد الملك الظاهر تحتها، فلم يجد بدّا من النزول إليه وتقبيل الأرض له، فإن خافه الملك الظاهر قبض عليه، وإلّا تركه من جملة عسكره.

واستمر الملك الظاهر برقوق يومه وليلته على ظهر فرسه بسلاحه، وحوله مماليكه وخواصّه.

قال الوالد فيما حكاه بعد ذلك لمماليكه وحواشيه: وبات كلّ منا على فرسه، على أن غالبنا به الجراح الفاشية المنكية «١» ، وهو مع ذلك بسلاحه على فرسه،