للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا يلبغا المجنون فإنه كان فى بيت الأمير فرج، فركب فرج المذكور ليعلم السلطان بأنه كان فى داره بالقاهرة حتى يبرأ ممّا رمى به، وطلع فى الحال جميع الأمراء، فأمر السلطان بقلع السلاح ونزول كلّ أحد إلى داره، وسكن الأمر ونودى بالأمان والاطمئنان.

ثم فى ليلة الثلاثاء عذّب على باى أيضا بين يدى السلطان عذابا شديدا، كسرت فيه رجلاه وركبتاه وخسف صدره، فلم يقرّ على أحد، ثم أخذ إلى خارج وخنق، فتنكّرت الأمراء وكثر خوفهم من السلطان، خشية أن يكون علىّ باى ذكر أحدا منهم من حرارة العقوبة، ومن يومئذ فسد أمر السلطان مع مماليكه الجراكسة، ودخل السلطان إلى زوجته خوند الكبرى أرد «١» وكانت تركية الجنس، وكانت تحذره عن اقتناء المماليك الجراكسة وتقول له: اجعل عسكرك أبلق من أربعة أجناس:

تتر وجاركس وروم وتركمان، تستريح أنت وذريّتك، فقال لها: الذي كنت أشرت به علىّ هو الصواب، ولكن هذا كان مقدّرا ونرجو الله تعالى إصلاح الأمر من اليوم.

ثمّ فى يوم الثلاثاء أمر السلطان الأمير يلبغا المجنون أن ينفق على المماليك السلطانية، فأعطى الأعيان منهم خمسمائة درهم، فلم يرضهم ذلك وكثرت الإشاعات الردية والإرجاف بوقوع فتنة وباتوا ليلة الخميس على تخوّف، ولم تفتح الأسواق فى يوم الخميس، فنودى بالأمان والبيع والشراء، ولا يتحدّث أحد فيما لا يعنيه.

ثمّ أنعم السلطان على الأمير أرسطاى بتقدمة علىّ باى، ووظيفته رأس نوبة النّوب، وأنعم على الأمير تمان تمر الناصرى بإقطاع أرسطاى، والإقطاع: إمرة طبلخاناه.