ذلك الجمع العظيم، فتقدّم بعض من كان يلوذ به ليصلح من شأنه، فصرخ فيه السلطان وترك طويلا حتى أفاق، وادّعى عليه البيد فى فلم يلحن بحجة، وألزمه القضاة بغرامة ذلك، والقيام به للأيتام من ماله، ولم يكن المال المذكور فى ذمته، وإنما كان اقترضه وصرّه للحرمين، فلزمه غصبا ورسم عليه وسجن بالمدرسة «١» الشريفية، ليدفع المال وما زال يورده حتى أتى ذلك على غالب موجوده، ثم لزم داره وذهبت عينه، وتخلّى عنه أحبابه إلى أن مات، ودفن حارج باب النصر بتربة الصوفية، فلقد كان قبل ولايته حسنة من حسنات الدهر، ما رأيت قبله أحسن صلاة منه ولا أكثر خشوعا مع حسن منطق، وفصاحة ألفاظ، وعذوبة كلام، وبهجة زىّ، وصدع فى وعظه إذا قصّ أو خطب، إلّا أنه امتحن بالقضاء، وابتلى بما أرجو أن يكون كفارة له. انتهى كلام المقريزى باختصار.
وتوفّى الشيخ شمس الدين محمد بن على بن صلاح الحريرى أحد نوّاب القضاة الحنفية، ومشايخ القرّاء بالديار المصرية، فى يوم الجمعة رابع عشرين شهر رجب.
وكان فقيها مقرئا، أقرأ ودرّس وناب فى الحكم سنين.
وتوفّى القاضى شمس الدين محمد بن عمر القليجى الحنفى مفتى دار العدل «٢» ، وأحد نواب القضاة بالديار المصرية، فى ليلة الثلاثاء العشرين من شهر رجب وقد بلغ من الرياسة مبلغا عظيما، وكانت لديه فضيلة تامّة.