قلت: هكذا تكون ولاية قضاة الشرع الشريف بعزّة وطلب واحترام، لا كمن يسعى فيها من بيت المال والأمير الكبير إلى بيت والى القاهرة، حتى يلى بالمال والبذل من غير تستّر فى ذلك حتى إنه يعرف ولايته بالبرّطيل، كلّ أحد من المسلمين حتى النصارى واليهود، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم زين الدين ميكائيل بن حسن بن إسرائيل التّركمانى، الفقيه الحنفىّ فى ذى الحجة عن نيّف وسبعين سنة، كان فقيها فاضلا بارعا مشاركا فى فنون كثيرة من العلوم، وكان مستحضرا لمذهبه مناظرا طلق اللسان فصيحا وأقرأ ودرّس سنين.
وتوفّى القاضى جمال الدين محمود بن أحمد، وسماه بعضهم محمودا بن محمد بن على ابن عبد الله القيصري العجمىّ الحنفى، قاضى قضاة الحنفية بالديار المصرية، وناظر الجيوش المنصورة بها، وشيخ شيوخ خانقاه «١» شيخون، فى ليلة الأحد سابع شهر ربيع الأول، بعد أن جمع بين هذه الوظائف الثلاث التى لم تجمع لغيره، وكان من رجال الدهر حزما وعزما، ومعرفة وعقلا وفضلا، وكان قدم إلى القاهرة فى عنفوان شبيبته فقيرا مملقا، وترك بالمدرسة الصّرغتمشية «٢» مدّة يخدم الفقهاء، فرأى فى منامه أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول له: أنت شاهنشاه، ففسّر المنام على الشّنشى «٣» ، وكان من جملة الصوفية بالصرغتمشية، وتنقّلت به الأحوال إلى أن