صار يقرئ المماليك بالأطباق من القلعة، وقتل الملك الأشرف شعبان وصار مخدومه طشتمر اللّفاف أتابك العساكر، فتكلّم له فى حسبة القاهرة دفعة واحدة فوليها، ونزل عند شخص فى داره حتى تعيّن له دار يسكنها، وبعث له قاضى القضاة صدر الدين المناوى بثوب حتى لبسه، لعجزه عن شراء ثوب، وهذا كان أوّل مبدأ أمره، ثم تنقّل فى الوظائف حتى كان من أمره ما كان، ولما مات خلّف موجودا كبيرا وكتبا حسنة، وخلّف ثمانية أولاد من الذكور والإناث، منهم العلّامة صدر الدين أحمد بن العجمى الآتى ذكره فى وفيات ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وتولّى قضاء الحنفيّة من بعده القاضى شمس الدين محمد الطرابلسى، ومات فى السنة حسب ما تقدّم، وولى الجيش بعده شرف الدين بن الدّمامينى «١» .
وتوفّى الأمير جمال الدين محمود بن على بن أصفر عينه الأستادار، فى يوم الأحد تاسع شهر رجب بخزانة «٢» شمائل، بعد ما نكب وعوقب وصودر ودفن بمدرسته خارج بابى زويلة المعروفة به، وجملة ما أخذه الملك الظاهر منه من المال فى ايام مصادرته ألف ألف دينار، وأربعمائة ألف دينار، وألف ألف درهم فضة، وبضائع وغلال، وغير ذلك بما ينيف على ألف ألف درهم فضة، وتلف له بأيدى من عاقبه وحواشيه جملة كبيرة، واخفى هو أيضا أشياء كثيرة «٣» يترجّى البقاء، ومن عطم ما ظهر له من المال، قالت العامة: ألان الله الحديد لداود، والذهب لمحمود، وكان أصل محمود هذا أنه كان فى مبدأ أمره فقيرا يتعانى الشدّ فى إقطاعات الجند،