وأما السلطان الملك الناصر فإنه لما سار بعساكره من الريدانية، واستقل بالمسير من يومه حتى نزل على منزلة تل العجول «١» خارج مدينة غزة فى ثامن عشر رجب، وأقام به يومه، فلم يلبث إلا وجاليش الأمير تنم طرقه، ومقدّم العسكر المذكور الولد، وصحبته من أكابر الأمراء والنوّاب: آقبغا الجمالى نائب حلب ودمرداش المحمدى نائب حماة، وألطنبغا العثمانى نائب صفد وجقمق الصفوى نائب ملطية، وجماعة أخرى من أكابر الأمراء وهم: أرغون شاه أمير مجلس وفارس الحاجب، وآقبغا الطولوتمرى اللّكّاش، ويعقوب شاه، وجماعة كبيرة من الأمراء والعساكر، فركبت العساكر المصرية فى الحال، وقاتلوهم من بكرة النهار إلى قريب الظهر، وكل من الفريقين يبذل جهده فى القتال، والحرب تشتدّ بينهم إلى أن خرج من جاليش عسكر تنم دمرداش المحمدى نائب حماة بمماليكه وطلبه، ثم تبعه ألطنبغا العثمانى نائب صفد بطلبه وعساكره، ثم صراى تمر الناصرى أتابك حلب بمماليكه، ثم جقمق الصّفوى نائب ملطية بطلبه ومماليكه، ثم فرج بن منجك أحد أمراء الألوف بطلبه ومماليكه، ثم تبعهم عدّة أمراء أحر، فعند ذلك انهزم الوالد بمن بقى معه إلى نحو الأمير تنم، وملك السلطان الملك الناصر مدينة غزّة، ونزل على مصطبة السلطان.
وأما تنم فإنه نزل بعساكره على مدينة الرّملة واجتمع عليه الوالد بها بمن بقى معه من العساكر الشامية، وقصّ عليه ما وقع من أمر القتال وهروب الأمراء من عسكره، فتأثّر تنم قليلا ثم أراد القبض على الأمير بتحاص، فمنعه بعض أصحابه من ذلك، ثم أخذ يتهيّأ لقتال المصريين، ولم يكترث بما وقع لجاليشه لكثرة عساكره، وقوّته بمن بقى معه من أكابر الأمراء وغيرهم.