للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا العسكر السلطانىّ المصرىّ فإنهم لمّا دخلوا إلى غزّة بلغهم أنّ تنم إلى الآن لم يصل إلى الرّملة بعساكره، وإنما الذي قاتلهم هو جاليش عسكره، فكثر عند ذلك تخوّفهم منه، وداخلهم الرّعب، وعملوا بسبب ذلك مشورة، فاتفق الرأى أن يتكلّموا معه فى الصلح، وأرسلوا إليه من غزّة قاضى القضاة صدر الدين المناوى الشافعىّ، ومعه المعلّم نصر الدين محمد الرّماح أمير أخور، وطغاى تمر مقدّم البريديّة، فخرجوا الجميع من غزّة فى يوم الثلاثاء تاسع عشر شهر رجب، وكتب لتنم صحبتهم أمان من السلطان، وأنه باق على كفالته بدمشق إن أراد ذلك، وإلّا فيكون أتابك العساكر بمصر، وإليه تدبير ملك ابن أستاذه الملك الناصر فرج لا يشاركه فى ذلك أحد.

ثم كتب إليه أعيان الأمراء يقولون: أنت أبونا وأخونا وأستاذنا، فإن أردت الشام فهى لك، وإن أردت مصر كنّا مماليكك، وفى خدمتك، فصن دماء المسلمين ودع عساكر مصر فى قوّتها، فإنّ خلفنا مثل تيمورلنك، وأشياء كثيرة من أنواع التضرّع إليه، فسار إليه قاضى القضاة المذكور برفيقيه حتى وافاه بمدينة الرملة «١» وهو بمخيّمه على هيئة السلطان، والأتابك أيتمش عن يمينه والوالد عن يساره، وبقيّة الأمراء على منازلهم ميمنة وميسرة، فلمّا عاين تنم قاضى القضاة المذكور قام له واعتنقه، وأجلسه بجانبه فحدّثه قاضى القضاة المذكور فى الصلح، وأدّى له الأمان ووعظه، وحذّره الشّقاق والخروج عن الطاعة، ثم كلّمه ناصر الدين الرّماح وطغاى تمر بمثل ذلك، وترّفقا له عن لسان الأمراء، وأن السلطان هو ابن الملك الظاهر برقوق، ليس له من يقوم بنصرته غيرك، فقال تنم: أنا مالى مع السلطان كلام، ولكن يرسل إلى يشبك وسودون طاز وجركس المصارع، وعدّد جماعة أخر كثيرة،