والله لو كان تنم حيّا للقيه من الفرات وهزمه أقبح هزيمة، وإنما عساكرنا الآن مفلولة، وآراؤهم مختلفة، وليس فيهم من يرجع إلى كلامه، فلهذا كان ما ترى. انتهى.
ثم دفن يونس بلطا بصالحية «١» دمشق، وكان أيضا ولى نيابة طرابلس نحو ست سنين، ثم قتل جميع من كان من أصحاب أيتمش وتنم، ولم يبق منهم إلا آقبغا الجمالى الأطروش نائب حلب، والوالد أبقى لشفاعة أخته خوند شيرين أم السلطان الملك الناصر فرج فيه، فإنها كانت ألزمت الأمير نوروز الحافظى والأمير يشبك الشعبانىّ بالوالد وحرّضتهما على بقائه، وكان لها يوم ذلك جاه كبير لسلطنة ولدها الملك الناصر، ثم أوصت ولدها الملك الناصر أيضا به، فزاد ذلك فسحة الأجل فأبقى، وأما آقبقا الأطروش فإنه بذل فى إبقائه مالا كبيرا للأمراء فأبقى.
ثم خلع السلطان على الأمير بتخاص السّودونى باستقراره فى نيابة الكرك عوضا عن سودون الظريف.
ثم خرج السلطان بعساكره وأمرائه من مدينة دمشق فى يوم رابع شهر رمضان صبيحة قتل تنم ويونس يريد الديار المصريّة، وسار حتى نزل غزّة فى ثانى عشر شهر رمضان المذكور، وقتل بغزّة علاء الدين على بن الطبلاوى أحد أصحاب تنم، ثم خرج من غزّة وسار يريد القاهرة حتى وصلها فى سادس عشرين رمضان من سنة اثنتين وثمانمائة، بعد أن زيّنت القاهرة، وفرشت له الشّقاق الحرير من تربة الأمير يونس الدوادار بالصحراء إلى قلعة الجبل، وكان يوم دخوله إلى مصر من الأيام المشهودة، وطلع إلى القلعة وكثرت التهانى بها لمجيئه.