للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأخذ التّترى الواحدة ويعلوها فى المسجد والجامع بحضرة الجمّ الغفير من أصحابه ومن أهل حلب، فيراها أبوها وأخوها وزوجها وولدها ولا يقدر أن يدفع عنها لقلّة مقدرته، ولشغله بنفسه بما هو فيه من العقوبة والعذاب، ثم ينزل عنها الواحد فيقوم لها آخر وهى مكشوفة العورة.

ثم بذلوا السيف فى عامة حلب وأجنادها حتى امتلأت الجوامع والطرقات بالقتلى، وجافت حلب، واستمر هذا من ضحوة نهار السبت إلى أثناء يوم الثلاثاء رابع عشر ربيع الأوّل، هذا والقلعة فى أشدّ ما يكون من الحصار والقتال، وقد نقبها عسكر تيمور من عدّة أماكن، وردم خندقها ولم يبق إلا أن تؤخذ.

فتشاور النوّاب والأعيان الذين بالقلعة، فأجمعوا على طلب الأمان، فأرسلوا لتيمور بذلك، فطلب تيمور نزول بعض النوّاب إليه، فنزل إليه دمرداش نائب حلب، فخلع عليه، ودفع إليه أمانا وخلعا إلى النوّاب، وأرسل معه عدّة وافرة من أصحابه إلى قلعة حلب، فطلعوا إليها وأخرجوا النوّاب منها بمن معهم من الأمراء والأعيان، وجعلوا كلّ اثنين فى قيد، وأحضروا الجميع إلى تيمور وأوقفوا بين يديه، فنظر إليهم طويلا وهم وقوف بين يديه ورئيسهم سودون نائب الشام.

ثم أخذ يقرّعهم ويوبّخهم ويلوم سودون نائب الشام فى قتله لرسوله، ويكثر له من الوعيد. ثم دفع كلّ واحد منهم إلى من يحتفظ به.

ثم سيقت إليه نساء حلب سبايا، وأحضرت إليه الأموال والجواهر والآلات الفاخرة، ففرّقها على أمرائه وأخصّائه، واستمرّ النهب والسبى والقتل بحلب فى كل يوم