والعرى والجوع، فرسم السلطان لكلّ من المماليك السلطانية المذكورين بألف درهم وجامكيّة شهرين.
وأمّا الأمراء فإنهم دخلوا إلى مصر وليس مع كلّ أمير سوى مملوك أو مملوكين، وقد تركوا أموالهم وخيولهم وأطلابهم وسائر ما معهم بدمشق؛ فإنهم خرجوا من دمشق بغتة بغير مواعدة لمّا بلغهم توجّه السلطان من دمشق، وأخذ كلّ واحد ينجو بنفسه.
وأما العساكر الّذين خلّفوا بدمشق من أهل دمشق وغيرها، فإنه كان اجتمع بها خلائق كثيرة من الحلبيّين والحمويّين والحمصيّين وأهل القرى ممّن خرج جافلا من تيمور.
ولمّا أصبحوا يوم الجمعة وقد فقدوا السلطان والأمراء والنائب غلّقوا أبواب دمشق، وركبوا أسوار البلد، ونادوا بالجهاد، فتهيّأ أهل دمشق للقتال، وزحف عليهم تيمور بعساكره، فقاتله الدمشقيون من أعلى السور أشدّ قتال، وردّوهم عن السور والخندق، وأسروا منهم جماعة ممن كان اقتحم باب دمشق، وأخذوا من خيولهم عدّة كبيرة، وقتلوا منهم نحو الألف، وأدخلوا رءوسهم إلى المدينة، وصار أمرهم فى زيادة فأعيا تيمور أمرهم، وعلم أن الأمر يطول عليه، فأخذ فى مخادعتهم، وعمل الحيلة فى أخذ دمشق منهم.
وبينما أهل دمشق فى أشدّ ما يكون من القتال والاجتهاد فى تحصين بلدهم، قدم عليهم رجلان من أصحاب تيمور من تحت السور وصاحا من بعد:«الأمير يريد الصلح، فابعثوا رجلا عاقلا حتى يحدّثه الأمير فى ذلك» .