للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما صار ابن مفلح بدمشق شرع يخذّل الناس عن القتال ويثنى على تيمور ودينه وحسن اعتقاده ثناء عظيما، ويكفّ أهل دمشق عن قتاله، فمال معه طائفة من الناس، وخالفه طائفة أخرى وأبوا إلّا قتاله، وباتوا ليلة السبت على ذلك، وأصبحوا نهار السّبت وقد غلب رأى ابن مفلح على من خالفه، وعزم على إتمام الصلح، ونادى فى الناس: إنه من خالف ذلك قتل وهدر دمه؛ فكفّ الناس عن القتال.

وفى الحال قدم رسول تيمور إلى مدينة دمشق فى طلب الطقزات المذكورة، فبادر ابن مفلح، واستدعى من القضاة والفقهاء والأعيان والتجار، حمل ذلك كلّ أحد بحسب حاله، فشرعوا فى ذلك حتى كمل، وساروا به إلى باب النصر «١» ليخرجوا به إلى تيمور، فمنعهم نائب قلعة دمشق من ذلك، وهدّدهم بحريق المدينة عليهم إن فعلوا ذلك، فلم يلتفتوا إلى قوله، وقالوا له: [أنت «٢» ] احكم على قلعتك، ونحن نحكم على بلدنا، وتركوا باب النصر وتوجهوا، وأخرجوا الطقزات المذكورة من السور، وتدلّى ابن مفلح من السور أيضا ومعه كثير من أعيان دمشق وغيرهم وساروا إلى مخيّم تيمور، وباتوا به ليلة الأحد، وعادوا بكرة الأحد، وقد استقرّ تيمور بجماعة منهم فى عدّة وظائف: ما بين قضاة القصاة، والوزير، ومستخرج الأموال، ونحو ذلك، معهم فرمان من تيمور لهم، وهو ورقة فيها تسعة أسطر يتضمّن أمان أهل دمشق على أنفسهم