للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كمل ذلك ألزمهم أن يخرجوا إليه جميع ما فى البلد من السلاح جليلها وحقيرها، فتتبّعوا ذلك وأخرجوه له حتى لم يبق بها من السلاح شىء، فلمّا فرغ ذلك كلّه قبض على ابن مفلح ورفقته، وألزمهم أن يكتبوا له جميع خطط دمشق وحاراتها وسككها، فكتبوا ذلك ودفعوه إليه، ففرّقه على أمرائه، وقسم البلد بينهم، فساروا إليها بمماليكهم وحواشيهم، ونزل كلّ أمير فى قسمه وطلب من فيه، وطالبهم بالأموال، فحينئذ حلّ بأهل دمشق من البلاء ما لا يوصف، وأجرى عليهم أنواع العذاب من الضّرب والعصر والإحراق بالنار، والتعليق منكوسا، وغمّ «١» الأنف بخرقة فيها تراب ناعم كلّما تنفّس دخل فى أنفه حتى تكاد نفسه تزهق، فكان الرجل إذا أشرف على الهلاك يخلّى عنه حتى يستريح، ثم تعاد عليه العقوبة أنواعا، فكان المعاقب يحسد رفيقه الّذى هلك تحت العقوبة على الموت، ويقول: ليتنى أموت وأستريح مما أنا فيه، ومع هذا كلّه تؤخذ نساؤه وبناته وأولاده الذكور، وتقسم جميعهم على أصحاب ذلك الأمير، فيشاهد الرجل المعذّب امرأته أو بنته وهى توطأ، وولده وهو يلاط به، يصرخ «٢» هو من ألم العذاب، والبنت والولد يصرخان من إزالة البكارة واللّواط، وكل ذلك من غير تستّر فى النهار بحضرة الملأ من الناس. ورأى أهل دمشق أنواعا من العذاب لم يسمع بمثلها؛ منها أنهم كانوا يأخذون الرجل فتشدّ رأسه بحبل ويلويه «٣» حتى يغوص فى رأسه، ومنهم من كان يضع الحبل بكتفى الرجل ويلويه بعصاه حتى تنخلع الكتفان، ومنهم من كان يربط إبهام يدى المعذّب من وراء ظهره ثم يلقيه على ظهره ويذرّ فى منخريه